الحمد لله.
أولا:
سبق في جواب السؤال رقم:(334078) أن من مات بكورونا يرجى له الشهادة، إذا أدى المرض إلى إصابة الرئة أو الكبد فمات من ذلك؛ لأن الأول يدخل في "السل" وهو شهادة، والثاني يدخل في المبطون، وهو شهيد.
ولكن ربما مات الإنسان بكورونا من غير أن تصاب رئته أو كبده أو شيء في بطنه يموت به، فلا يكون شهيدا.
ثانيا:
الأصل أنه لا يجوز للإنسان أن يدعو على نفسه بالمرض، أو بغيره من المصائب والآفات؛ لما روى مسلم (3014) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ .
وروى مسلم (920) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ.
وروى مسلم (6288) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ، فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ، أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! لَا تُطِيقُهُ، أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ، أَفَلَا قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ لَهُ، فَشَفَاهُ ".
ولهذا لا يظهر لنا جواز دعاء الإنسان على نفسه بكورونا؛ لأن الشهادة به ليست متيقنة، بخلاف الطاعون لو نزل ببلد، جاز للإنسان أن يدعو على نفسه به، كما حصل من أبي عبيدة ومعاذ رضي الله عنهما.
قال ابن رجب رحمه الله في بيان أقسام تمني الموت أو الدعاء على النفس بالموت:
"ومنها: تمني الموت عند حضور أسباب الشهادة، اغتناما لحضورها، فيجوز ذلك أيضا .
وسؤال الصحابة الشهادة وتعرضهم لها عند حضور الجهاد كثير مشهور، وكذلك سؤال معاذ لنفسه وأهل بيته الطاعون لما وقع بالشام" انتهى من "لطائف المعارف" ص296
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم:(333763) أن كورونا ليس طاعونا.
وعليه؛ فسل الله تعالى الشهادة، دون ذكر كورونا أو غيره.
والله أعلم.
تعليق