السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

انصرف اثناء دفن الميت ثم عاد، هل يدرك أجر تشييع الجنازة؟

356377

تاريخ النشر : 18-05-2023

المشاهدات : 1693

السؤال

ذهبت لتشيع جنازة، وأنا في المقبرة وهم يتمون حفر القبر تأخرت قليلا عن الجماعة، وهذا كي أترحم على قبر أبي الموجود في نفس المقبرة، وتفقدت قبر أبي، ثم عدت إلى الجنازة، واستمعت إلى ما قاله الإمام بعد دفن الشخص، وبعد رجوعنا إلى الحي، قال لي أخي: أن ما فعلته في المقبرة مكروه، وأن ليس لدي الأجر في تشيع هذه الجنازة، فهل هذا صحيح؟

الجواب

الحمد لله.

وعد الله تعالى بأجر عظيم لمن شيّع الجنازة حتى يصلي عليها وتدفن.

عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ، فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ ).

قِيلَ: وَمَا القِيرَاطَانِ؟

قَالَ: ( مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ ) رواه البخاري (1325)، ومسلم (945).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ ) رواه البخاري (47).

واختلف العلماء في هذين القيراطين ، هل يحصلان بالصلاة وحضور الدفن فقط ، أم لابد أن يكون مع ذلك اتباع للجنازة ، بل ومصاحبتها من أول بيتها إلى الفراغ من الدفن ؟

فظاهر الأحاديث يدل على الثاني ، وأنه لابد من الاتباع والمصاحبة ، وهو ما نص عليه النووي، فقال رحمه الله في شرح صحيح مسلم :

"فيه الْحَثّ عَلَى الصَّلَاة عَلَى الْجِنَازَة وَاتِّبَاعهَا وَمُصَاحَبَتهَا حَتَّى تُدْفَن ... ورِوَايَة الْبُخَارِيّ فِي أَوَّل صَحِيحه فِي كِتَاب الْإِيمَان : ( مَنْ شَهِدَ جِنَازَة وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغ مِنْ دَفْنهَا رَجَعَ مِنْ الْأَجْر بِقِيرَاطَيْنِ) فَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّ الْمَجْمُوع بِالصَّلَاةِ وَالِاتِّبَاع وَحُضُور الدَّفْن قِيرَاطَانِ . وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ هَذِهِ مَعَ رِوَايَة مُسْلِم الَّتِي ذَكَرَهَا بَعْد هَذَا (حَتَّى يَفْرُغ مِنْهَا) دَلِيل عَلَى أَنَّ الْقِيرَاط الثَّانِي لَا يَحْصُل إِلَّا لِمَنْ دَامَ مَعَهَا مِنْ حِين صَلَّى إِلَى أَنْ فَرَغَ دفنها. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا . وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا : يَحْصُل الْقِيرَاط الثَّانِي إِذَا سُتِرَ الْمَيِّت فِي الْقَبْر بِاللَّبِنِ وَإِنْ لَمْ يُلْقَ عَلَيْهِ التُّرَاب ، وَالصَّوَاب الْأَوَّل" انتهى .

واختار الحافظ ابن حجر حصول القيراط بالصلاة فقط ، فقال :
" وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْقِيرَاطَ يَحْصُلُ أَيْضًا لِمَنْ صَلَّى فَقَطْ ، لِأَنَّ كُلَّ مَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَسِيلَةٌ إِلَيْهَا لَكِنْ يَكُونُ قِيرَاطُ مَنْ صَلَّى فَقَطْ دُونَ قِيرَاطِ مَنْ شَيَّعَ مَثَلًا وَصَلَّى .... وَهَلْ يَأْتِي نَظِيرُ هَذَا فِي قِيرَاطِ الدَّفْنِ ؟ فِيهِ بَحْثٌ .

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِلَفْظِ : (مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ .. الْحَدِيثَ) : "وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْقِيرَاطَيْنِ إِنَّمَا يَحْصُلَانِ لِمَنْ كَانَ مَعَهَا فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ حَتَّى تُدْفَنَ ، فَإِنْ صَلَّى مَثَلًا وَذَهَبَ إِلَى الْقَبْرِ وَحْدَهُ فَحَضَرَ الدَّفْنَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ إِلَّا قِيرَاطٌ وَاحِدٌ" انْتَهَى .

وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ ، فَإِنْ وَرَدَ مَنْطُوقٌ بِحُصُولِ الْقِيرَاطِ لِشُهُودِ الدَّفْنِ وَحْدَهُ كَانَ مُقَدَّمًا ، وَيُجْمَعُ حِينَئِذٍ بِتَفَاوُتِ الْقِيرَاطِ" انتهى.

وذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى الاختلاف في ذلك ثم قال :

"قوله: ( من شهدها حتى يصلى عليها ) ...

"ويستفاد من الحديث: أن هذا الأجر مرتب على الصلاة، ولكننا لا نجزم بذلك إلا لمن شهدها حتى يصلى عليها، وأما من أدرك الصلاة فقط فالله أعلم، لكن نرجو أن يكون كذلك...

ويستفاد من هذا الحديث: أن القيراطين لا يحصلان إلا لمن شهد الصلاة والدفن، يؤخذ من قوله: ( ومن شهدها حتى تدفن )... " انتهى. "شرح بلوغ المرام" (2 / 579 - 581).

وعلى هذا ؛ فالذي نقطع به أن القيراطين إنما يحصلان لمن خرج مع الجنازة من بيتها ، وصلى عليها ، وصحبها حتى يفرغ من دفنها .

أما من أخل بشيء من ذلك ، فله ثواب على ما عمله من أعمال .

وهل ثواب من اتبع الجنازة، لكن لم يبق على القبر حتى يفرغ من الدفن: قيراط، أم دون ذلك ؟

ليس فيه شيء من الخبر بذلك، وفضل الله واسع؛ لكن الذي ينبغي على من كان حريصا على الأجر أن يلزم السنة، وما وردت به. وعلى ذلك، فينبغي عليك أن تدع زيارة قبر والدك، أو من تريد ، حتى يُفرغ من دفن الجنازة، لتكون على ثقة من أنك فعلت ما ندبت إليه السنة، وجاء الوعد بأجر القيراط فيه؛ ثم للزيارة متسع بعد ذلك.

وراجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (67804).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب