الحمد لله.
أولا:
يجب التقابض في المجلس عند بيع الذهب والفضة والعملات
لا يجوز بيع الذهب بالذهب أو بالفضة أو بالعملات الورقية، إلا بشرط التقابض في المجلس؛ لما روى مسلم (1587) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ .
وقوله: فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ : يفيد أنه لو بيع الذهب بالفضة : وجب التقابض في المجلس ، وهو المعبر عنه بيدا بيد.
والعملات الورقية ملحقة بالذهب والفضة.
جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لمنظمة " المؤتمر الإسلامي " ما نصه:
"بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتبارية، فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما" انتهى من مجلة المجمع (العدد الثالث ج 3 ص 1650، والعدد الخامس ج 3 ص 1609).
فلا يجوز العمل في ما يسمى بالـ"أبونيه"، وهي أن يكون وسيطا بين المصنع والتاجر، فيعطي الذهب للتاجر، ثم يأخذ بدله من المصنع مؤجلا.
ثانيا:
ما الحكم في المعاملات الربوية التي لم يحصل فيها القبض؟
الواجب فسخ المعاملة الربوية التي لم يحصل فيها القبض، إن أمكن ذلك؛ لما روى مسلم (1591) عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ : اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصَّلْتُهَا فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ .
ورواه ابن أبي شيبة وفيه: "قَالَ : فَرَدَّهُ حَتَّى مَيَّزَ مَا بَيْنَهُمَا".
وفيه دليل على فسخ العقد الفاسد.
فإن لم يمكن الرد ، لتصرف المشتري في الذهب أو رفضه الرد، فالواجب التوبة فحسب.
ثالثا:
الانتفاع بالأرباح التي حصلت قبل العلم بالتحريم
يجب إيقاف التعامل المحرم، ولا حرج في الانتفاع بالأرباح التي حصلت قبل العلم بالتحريم، سواء أنفقت الأرباح أو كانت باقية؛ لقوله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ البقرة/ آية 275.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأما الذي لا ريب فيه عندنا فهو: ما قبضه بتأويل أو جهل، فهنا له ما سلف، بلا ريب، كما دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار" انتهى من "تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء" (2/ 592).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: " إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام : فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ" انتهى من "اللقاء الشهري" (67/ 19).
وقال رحمه الله:"من فوائد الآية: أن ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم بالتحريم: فهو حلال له، بشرط أن يتوب وينتهي " انتهى من " تفسير سورة البقرة " (3/ 377).
والله أعلم.
تعليق