الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ترجمة شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي

359684

تاريخ النشر : 03-02-2022

المشاهدات : 22419

السؤال

بخصوص إمام خراسان شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله الأنصاري الهراوي الصوفي. 1) أرجو إعطاء سيرة الشيخ. 2) ذكر بعض أعماله ومساهماته.

الجواب

الحمد لله.

شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي، إمام حافظ مفسر قائم بالسنة.

وقد ترجم له الذهبي ترجمة جميلة، بين فيها منزلته، وثناء الناس عليه، وقيامه بالسنة، وشدته على أهل البدع. ونحن نختصر من ترجمته ما يفي بالمقصود.

قال الذهبي رحمه الله في "سير أعلام النبلاء" (18/ 503): "الإمام، القدوة، الحافظ الكبير، أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن علي بن جعفر بن منصور بن مت الأنصاري الهروي، مصنف كتاب (ذم الكلام) ، وشيخ خراسان من ذرية صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أبي أيوب الأنصاري.

مولده: في سنة ست وتسعين وثلاث مائة.

قال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن أبي إسماعيل الأنصاري، فقال: كان آية في لسان التذكير والتصوف، من سلاطين العلماء، سمع ببغداد من أبي محمد الحسن بن محمد الخلال، وغيره.

يروي في مجالس وعظه الأحاديث بالإسناد، وينهى عن تعليقها عنه.

قال: وكان بارعا في اللغة، حافظا للحديث..

قال المؤتمن: كان يدخل على الأمراء والجبابرة، فما يبالي، ويرى الغريب من المحدثين، فيبالغ في إكرامه...

قال محمد بن طاهر: سمعت أبا إسماعيل الأنصاري يقول:

إذا ذكرت التفسير، فإنما أذكره من مائة وسبعة تفاسير.

وسمعته ينشد على منبره:

أنا حنبلي ما حييت وإن أمت ... فوصيتي للناس أن يتحنبلوا".

قال الذهبي: "ولقد بالغ أبو إسماعيل في (ذم الكلام) على الاتّباع، فأجاد، ولكنه له نفس عجيب لا يشبه نفس أئمة السلف في كتابه (منازل السائرين) ، ففيه أشياء مُطْرِبة، وفيه أشياء مشكِلة، ومن تأمله لاح له ما أشرت إليه، والسنة المحمدية صَلِفة، ولا ينهض الذوق والوجد إلا على تأسيس الكتاب والسنة.

وقد كان هذا الرجل سيفا مسلولا على المتكلمين، له صولة وهيبة واستيلاء على النفوس ببلده، يعظمونه، ويتغالون فيه، ويبذلون أرواحهم فيما يأمر به.

كان عندهم أطوع وأرفع من السلطان بكثير، وكان طودا راسيا في السنة ، لا يتزلزل ولا يلين، لولا ما كدر كتابه (الفاروق في الصفات) بذكر أحاديث باطلة يجب بيانها وهتكها، والله يغفر له بحسن قصده، وصنف (الأربعين) في التوحيد، و(أربعين) في السنة، وقد امتحن مرات، وأوذي، ونفي من بلده.

قال ابن طاهر: سمعته يقول: عُرِضتُ على السيف خمس مرات، لا يقال لي: ارجع عن مذهبك.

لكن يقال لي: اسكت عمن خالفك.

فأقول: لا أسكت.

وسمعته يقول: أحفظ اثني عشر ألف حديث ، أسردها سردا...

قال ابن طاهر: حكى لي أصحابنا أن السلطان ألب أرسلان قدم هراة ومعه وزيره نظام الملك، فاجتمع إليه أئمة الحنفية وأئمة الشافعية للشكوى من الأنصاري، ومطالبته بالمناظرة، فاستدعاه الوزير، فلما حضر، قال: إن هؤلاء قد اجتمعوا لمناظرتك، فإن يكن الحق معك؛ رجعوا إلى مذهبك، وإن يكن الحق معهم؛ رجعت أو تسكت عنهم.

فوثب الأنصاري، وقال: أناظر على ما في كمي.

قال: وما في كمك؟

قال: كتاب الله.

- وأشار إلى كمه اليمين- وسنة رسول الله - وأشار إلى كمه اليسار - وكان فيه (الصحيحان).

فنظر الوزير إليهم مستفهما لهم، فلم يكن فيهم من ناظره من هذا الطريق...

قال: وسمعت أصحابنا بهراة يقولون: لما قدم السلطان ألب أرسلان هراة في بعض قدماته، اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه، ودخلوا على أبي إسماعيل، وسلموا عليه، وقالوا: ورد السلطان ونحن على عزم أن نخرج، ونسلم عليه، فأحببنا أن نبدأ بالسلام عليك، وكانوا قد تواطؤوا على أن حملوا معهم صنما من نحاس صغيرا، وجعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ، وخرجوا، وقام الشيخ إلى خلوته، ودخلوا على السلطان، واستغاثوا من الأنصاري، وأنه مجسم، وأنه يترك في محرابه صنما يزعم أن الله تعالى على صورته، وإن بعث السلطان الآن يجده.

فعظم ذلك على السلطان، وبعث غلاما وجماعة، فدخلوا، وقصدوا المحراب، فأخذوا الصنم، فألقى الغلام الصنم، فبعث السلطان من أحضر الأنصاري، فأتى فرأى الصنم والعلماء، وقد اشتد غضب السلطان، فقال له السلطان: ما هذا؟

قال: صنم يُعمل من الصُّفر؛ شِبْه اللعبة.

قال: لست عن ذا أسألك.

قال: فعم يسألني السلطان؟

قال: إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا، وأنك تقول: إن الله على صورته.

فقال شيخ الإسلام بصولة وصوت جهوري: سبحانك! هذا بهتان عظيم.

فوقع في قلب السلطان أنهم كذبوا عليه، فأمر به، فأخرج إلى داره مكرما.

وقال لهم: اصدقوني، وهددهم .

فقالوا: نحن في يد هذا في بلية من استيلائه علينا بالعامة، فأردنا أن نقطع شره عنا.

فأمر بهم، ووكل بهم، وصادرهم، وأخذ منهم وأهانهم.

قال أبو الوقت السجزي: دخلت نيسابور، وحضرت عند الأستاذ أبي المعالي الجويني، فقال: من أنت؟

قلت: خادم الشيخ أبي إسماعيل الأنصاري.

فقال: رضي الله عنه.

قلت: اسمع إلى عقل هذا الإمام، ودع سب الطغام، إن هم إلا كالأنعام...

وقال عبد الغافر بن إسماعيل: كان أبو إسماعيل الأنصاري على حظ تام من معرفة العربية والحديث والتواريخ والأنساب، إماما كاملا في التفسير، حسن السيرة في التصوف، غير مشتغل بكسب، مكتفيا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه في العام مرة أو مرتين على رأس الملأ، فيحصل على ألوف من الدنانير وأعداد من الثياب والحلي، فيأخذها، ويفرقها على اللحام والخباز، وينفق منها، ولا يأخذ من السلطان ولا من أركان الدولة شيئا، وقل ما يراعيهم، ولا يدخل عليهم، ولا يبالي بهم، فبقي عزيزا مقبولا قبولا أتم من المَلك، مطاع الأمر نحوا من ستين سنة من غير مزاحمة، وكان إذا حضر المجلس لبس الثياب الفاخرة، وركب الدواب الثمينة، ويقول: إنما أفعل هذا إعزازا للدين، ورغما لأعدائه، حتى ينظروا إلى عزي وتجملي، فيرغبوا في الإسلام.

ثم إذا انصرف إلى بيته؛ عاد إلى المرقَّعة ، والقعود مع الصوفية في الخانقاه يأكل معهم، ولا يتميز بحال، وعنه أخذ أهل هراة التبكير بالفجر، وتسمية الأولاد غالبا بعبد ، المضاف إلى أسماء الله - تعالى - .

قال أبو سعد السمعاني: كان أبو إسماعيل مظهرا للسنة، داعيا إليها، محرضا عليها، وكان مكتفيا بما يباسط به المردين، ما كان يأخذ من الظلمة شيئا، وما كان يتعدى إطلاق ما ورد في الظواهر من الكتاب والسنة، معتقدا ما صح، غير مصرح بما يقتضيه تشبيه.

وقال مرة: من لم ير مجلسي وتذكيري، وطعن في، فهو مني في حل.

قلت: غالب ما رواه في كتاب (الفاروق) صحاح وحسان، وفيه باب إثبات استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة بائنا من خلقه من الكتاب والسنة، فساق دلائل ذلك من الآيات والأحاديث ... ، إلى أن قال:

وفي أخبار شتى أن الله في السماء السابعة على العرش، وعلمه وقدرته واستماعه ونظره ورحمته في كل مكان.

قيل: إن شيخ الإسلام عقد على تفسير قوله: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى [الأنبياء:101] ثلاث مائة وستين مجلسا.

قال أبو النضر الفامي: توفي شيخ الإسلام في ذي الحجة، سنة إحدى وثمانين وأربع مائة، عن أربع وثمانين سنة وأشهر" انتهى مختصرا.

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في ترجمته: " وكان سيدا عظيما، وإماما عالما عارفا، وعابدا زاهدا، ذا أحوال ومقامات وكرامات ومجاهدات، كثير السهر بالليل، شديد القيام في نصر السنة والذب عنها والقمع لمن خالفها.

وجرى له بسبب ذلك محن عظيمةْ. وكان شديد الانتصار والتعظيم لمذهب الإمام أحمد" انتهى من "ذيل طبقات الحنابلة" (1/ 118).

والنصيحة لك أن تراجع ترجمته في كتاب سير أعلام النبلاء وفي ذيل الطبقات. 

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: (398467).

والله أعلم 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب