الحمد لله.
الاجابة
أولا:
إذا كنت تسير بسرعة يمكن معها التحكم في توجيه السيارة، ولم تقدر على تفادي هذه الحفرة بأمان، فلست متسببا، ولا شيء عليك.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رسالته "أحكام حوادث السيارات" : "إذا تصرف قائد السيارة تصرفاً يريد به السلامة من الخطر ، وذلك على سبيل المثال لا الحصر : مثل أن يقابله ما يخشى الضرر باصطدامه به ، أو يخرج عليه من اليمين أو الشمال على وجه لا يتمكن فيه من الوقوف، فينحرف لتفادي الخطر فيحصل الحادث ، أو يصل إلى حفرة عميقة لم يشعر بها، فيحرف السيارة عنها فيحصل الحادث ؛ ففي هذه الحالة لا يترتب عليه شيء من وجوب كفارة أو ضمان ، لأنه أمين قائم بما يجب عليه من محاولة تلافي الخطر ، فهو محسن ، وما على المحسنين من سبيل" انتهى بتصرف .
وإن كنت تسير بسرعة زائدة لا يمكن معها التحكم في السيارة، أو كان يمكنك أن تتفادى الحفرة بأمان، فلم تفعل، فأنت متسبب في الحادث.
ثانيا:
على فرض أنك متسبب، فقد اجتمع في هذه الحادثة متسبب ، ومباشر، وهو صاحب السيارة التي صدمتها، فإن كان قد فرط في تفادي صدمها، فالضمان عليه، دية وكفارة.
وإن لم يمكنه تفادي صدمها، فهو معذور، وصار الضمان عليك، فالقاعدة أنه إذا اجتمع متسبب ومباشر فالضمان على المباشر إلا إذا لم يمكن تضمين المباشر.
قال في المغني (8/ 344): " ومتى اجتمع المباشر مع المتسبب، كان الضمان على المباشر دون المتسبب، كالحافر مع الدافع " انتهى.
ولكن في بعض الصور لا يمكن تضمين المباشر، فيكون الضمان على المتسبب في المباشرة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وإن اجتمع متسبب ومباشر، فإن كان المباشر يمكن تضمينه فعلى المباشر وحده، وإن كان لا يمكن تضمينه، فعلى المتسبب وحده ...
ومثال اجتماع المباشر والمتسبب: شخص حفر حفرة، ووقف شخص آخر عليها، فجاء إنسان فدفعه فيها حتى سقط ومات، فالضمان على المباشر وهو الدافع؛ لأنه أقوى صلة بالجناية من المتسبب.
وكذلك لو أن شخصاً أعطى إنساناً سكيناً بدون مواطأة على القتل، فقتل بها إنساناً، فالضمان على المباشر.
فإن كان المباشر لا يمكن تضمينه فعلى المتسبب، كما لو أن رجلاً ألقى إنساناً مكتوفاً بحضرة الأسد، فأكله الأسد، فعندنا مباشر ومتسبب، المباشر هو الأسد، والمتسبب هو الذي ألقى الرجل مكتوفاً بحضرة الأسد، فالضمان هنا على المتسبب؛ لأن المباشر لا يمكن تضمينه.
كذلك إذا كان المباشر غير معتدٍ، وكان المتسبب هو المعتدي، وكانت المباشرة مبنية على ذلك السبب، فإن الضمان يكون على المتسبب...
والحال الثالثة: إذا كان المباشر لا يمكن تضمينه لعدم تكليفه، فالضمان يكون على المتسبب، كمن أمر غير مكلف بالقتل، فالضمان على الآمر؛ لأنه هو السبب، وهنا المباشر غير مكلف فلا يمكن تضمينه؛ لأنه لا قصد له، ولولا أمر هذا الإنسان ما قتل.
فهذه ثلاث مسائل" انتهى من الشرح الممتع (14/ 91).
والضمان كما سبق يشمل الكفارة والدية، والدية إن عفى عنها أهل القتيل سقطت.
والحاصل:
أنك قد تكون متسببا وقد لا تكون، وفي حال كونك متسببا فقد تضمن وقد لا تضمن، بناء على التفصيل السابق.
والله أعلم.
الجنايات
تعليق