أولا:
إذا طلقت المرأة فإنها تحتسب العدة من حين صدور الطلاق، حتى ولو كان زوجها مفارقا لها قبل إيقاع الطلاق بمدة طويلة .
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن امرأة فارقها زوجها لمدة ستة أشهر ، وبقيت عند أبيها في تلك الفترة ، ثم طلقها زوجها ، فكيف تحتسب العدة ؟
فأجابوا :
"إذا كان الواقع ما ذكر فتبدأ عدة المرأة المذكورة من تاريخ تطليق زوجها لها، لا من تاريخ المفارقة المذكورة في السؤال"
الشيخ عبد الله بن قعود – الشيخ عبد الله بن غديان – الشيخ عبد الرازق عفيفي – الشيخ عبد العزيز بن باز .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (20/424) .
ثانيا :
إذا زنت المعتدة فقد اختلف العلماء هل تنقطع عدتها بهذا الزنى أم لا ؟
والصحيح أنها تنقطع، وهو مذهب الإمام أحمد .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (11/237):
"المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها إجماعًا أي عدة كانت ... وإن تزوجت فالنكاح باطل ...
فإن لم يدخل بها: فالعدة بحالها، ولا تنقطع بالعقد الثاني ... وإن وطئها انقطعت العدة " انتهى .
وقال البهوتي في "كشاف القناع" (5/498):
"وإن وطئت معتدة بشبهة أو نكاح فاسد فرق بينهما ... وأتممت عدة الأول .. ولا يحتسب منها ، أي: العدة ، مدة مقامها عند الواطئ الثاني ، بل ابتداؤها من التفريق بينهما ... ثم استأنفت العدة من الواطئ ، لأن العدتين من رجلين، فلا يتداخلان ، وإن كانت بائنا فأصابها المطلق في عدتها عمدا: فكذلك؛ أي: تُتم العدة الأولى، ثم تعتد من الوطء، لأن العدة الأولى عدة طلاق، والثانية عدة زنا؛ فلم تدخل إحداهما في الأخرى" انتهى .
فيؤخذ من ذلك أن الزنى يقطع العدة ، وأنها تعتد منه بعد إكمال العدة من الأول .
ثالثا:
وأما عدة المزني بها: فقد ذهب الإمام أحمد إلى أنها كعدة المطلقة ، وذهب الإمام مالك ، وهو رواية عن أحمد إلى أنها تستبرئ بحيضة واحدة ، وذهب الإمامان أبو حنيفة والشافعي إلى أنها لا عدة عليها . ينظر "المغني" (11/196) ، و"الإنصاف" (24/100) .
والقول الثاني هو الصواب ، وقد اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فقال : "والقرآن ليس فيه إيجاب العدة بثلاثة قروء إلا على المطلقات ، لا على من فارقها زوجها بغير طلاق ، ولا على من وطئت بشبهة ، ولا على المزني بها ، فإذا مضت السنة بأن المختلعة إنما عليها الاعتداد بحيضة – الذي هو استبراء- فالموطوءة بشبهة والمزني بها أولى بذلك ، كما هو إحدى الروايتين لأحمد في المختلعة وفي المزني بها " انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/340) .
رابعا:
وعلى هذا : فهذان السائلان يجب عليهما أن يفترقا الآن ، وتعتد المرأة من طلاق زوجها بثلاث حيضات ، فإذا انتهت، اعتدت من الزنى بحيضة ، ثم بعد ذلك يتزوجان – إن أرادا- .
ويشترط في هذا النكاح الثاني: شروط النكاح ، كالولي وحضور شاهدين مسلمين ، ويكون لها المهر.
وإذا كان أقاربها من جهة الأب لا تصح ولايتهم عليها لكونهم غير مسلمين ، فإنه يزوجها مدير المركز الإسلامي في مدينتها ، ويكون هو وليها .
وينظر السؤال رقم: (208700).
خامسا :
إذا لم يكن في البيت أحد سواهما، فلا يجوز لهما البقاء فيها معًا ، لأن هذا يعني أنه سيخلو بها ، وهذا محرم ، مع ما فيه من تعريض أنفسهما للمعصية مرة أخرى .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" إذا طلقها الطلقة الثالثة: فإن كان في البيت سواها بحيث لا يحصل خلوة بينها وبين زوجها المطلق، فلا بأس أن تبقى في البيت، ولها أن تنتقل إلى أهلها.
وأما إذا لم يكن في البيت إلا الرجل الذي طلقها الطلقة الثالثة، فإنه يجب عليها أن تخرج؛ وذلك لأنها صارت بائنةً منه، لا تحل له، وعلى هذا لا يجوز له أن يخلو بها فتخرج إلى بيت أهلها " انتهى. "فتاوى نور على الدرب" (10/434).
سادسا :
كونك تفتي الناس وترشدهم في أمور دينهم عمل حسن ، لكننا نخشى على طالب العلم المبتدئ الذي يريد أن يستقل بنفسه، وينظر في الأدلة الشرعية ويستنبط منها الأحكام ، نخشى عليه كثرة الزلل والخطأ .
فالذي نوصيك به هو الاجتهاد في طلب العلم ، وبذل الوسع في ذلك ، وليكن دورك في هذه المرحلة هو نقل أقوال العلماء وفتاواهم للسائلين ، فتكون واسطة بين العلماء وعوام المسلمين ، حتى تتمكن من طلب العلم ، فتنتقل إلى مرحلة أخرى وهي الموازنة بين أقوال العلماء والنظر في أدلتهم والترجيح بينها ، وقد يكون في المسألة نص عن النبي صلى الله عليه وسلم ظاهر ظهورا قويا ، فالأحسن أن تفتي به بعد التأكد من صحة معرفة معناه .
والله أعلم.