644

زنا بها أثناء العدة ويريد الزواج بها، فكيف يفعل؟

السؤال: 361760

امرأة اسلمت، وتزوجت رجلاََ مسلما، ثم تركته، وحصل بينهما فراق لفترة من الزمن، ثم قابلت مسلما آخر، وقامت بالزنا معه، والعيش معه، ثم أرادا أن يتوبا إلى الله تعالى من الزنا، وأن يتزوجها، ثم اكتشف إنها لم تطلق من زوجها الأول، لعدم علمها بوجوب الطلاق، لحصول الفرقة بينها وبينه، فأخبرها أن عليها أن تطلق من زوجها الأول، قبل أن يتزوجها، فقامت بالاتصال به، وطلقها هاتفياً، ثم أثناء عدتها الرجعية من زوجها الأول استمرت على العيش مع الرجل الثاني، وزنا بها في عدتها الرجعية من زوجها الأول، ثم بعد انتهاء العدة الرجعية من الزوج الأول قاما بعقد نكاح جديد، ويعيشان مع بعضهما البعض، وسألني الرجل هل نكاحهما صحيح أم لا، وقال: إنه تاب الآن، وندم، والفتاة تابت، وتحجبت عندما أخبرها بالحجاب، وتصلي، وتستغفر الله تعالى يوميا، وهو يريد التأكد على حسب كلامه، ويريد أن يكون معها في الحلال.
فهل يصح النكاح بعد انتهاء العدة الرجعية، ومع عدم حصول استبراء لرحم المرأة بانقضاء عدتها من الزنا الذي حصل أثناء عدتها من الأول؟ علما بأني أخذ برأي العلماء أن الراجح كون العدة كعدة المطلقة ثلاث حيضات، فهل يصح نكاحهما علي قول من يجيز النكاح من العلماء بدون استبراء للرحم من الزنا، أم يفرق بينهما؟ وهل إن لم يصح النكاح، ولم يمكن التفريق بينهما للظروف المادية، فهل يبقيان في نفس المسكن أثناء عدتها من الزنا، واستبراءها للرحم، ثم الإتيان بعقد نكاح جديد؟
أنا أطلب العلم قدر المستطاع، وبسبب كثرة الجهل عند سؤال الناس لي أجيب بما أنعم الله تعالى علي به من العلم القليل، ولأني أنظر للأدلة أجيب بما أحسبه راجحا في المسألة بعد النظر للأدلة، أو برأي عالم أثق في دينه وعلمه، إن لم أطلع علي الأدلة بنفسي، فهل أستمر على هذا، أم تنصحونني بغير ذلك؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا:

إذا طلقت المرأة فإنها تحتسب العدة من حين صدور الطلاق، حتى ولو كان زوجها مفارقا لها قبل إيقاع الطلاق بمدة طويلة .

سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن امرأة فارقها زوجها لمدة ستة أشهر ، وبقيت عند أبيها في تلك الفترة ، ثم طلقها زوجها ، فكيف تحتسب العدة ؟

فأجابوا :

"إذا كان الواقع ما ذكر فتبدأ عدة المرأة المذكورة من تاريخ تطليق زوجها لها، لا من تاريخ المفارقة المذكورة في السؤال"

الشيخ عبد الله بن قعود – الشيخ عبد الله بن غديان – الشيخ عبد الرازق عفيفي – الشيخ عبد العزيز بن باز .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (20/424) .

ثانيا :

إذا زنت المعتدة فقد اختلف العلماء هل تنقطع عدتها بهذا الزنى أم لا ؟

والصحيح أنها تنقطع، وهو مذهب الإمام أحمد .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (11/237):

"المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها إجماعًا أي عدة كانت ... وإن تزوجت فالنكاح باطل ...

فإن لم يدخل بها: فالعدة بحالها، ولا تنقطع بالعقد الثاني ... وإن وطئها انقطعت العدة " انتهى .

وقال البهوتي في "كشاف القناع" (5/498):

"وإن وطئت معتدة بشبهة أو نكاح فاسد فرق بينهما ... وأتممت عدة الأول .. ولا يحتسب منها ، أي: العدة ، مدة مقامها عند الواطئ الثاني ، بل ابتداؤها من التفريق بينهما ... ثم استأنفت العدة من الواطئ ، لأن العدتين من رجلين، فلا يتداخلان ، وإن كانت بائنا فأصابها المطلق في عدتها عمدا: فكذلك؛ أي: تُتم العدة الأولى، ثم تعتد من الوطء، لأن العدة الأولى عدة طلاق، والثانية عدة زنا؛ فلم تدخل إحداهما في الأخرى" انتهى .

فيؤخذ من ذلك أن الزنى يقطع العدة ، وأنها تعتد منه بعد إكمال العدة من الأول .

ثالثا:

وأما عدة المزني بها: فقد ذهب الإمام أحمد إلى أنها كعدة المطلقة ، وذهب الإمام مالك ، وهو رواية عن أحمد إلى أنها تستبرئ بحيضة واحدة ، وذهب الإمامان أبو حنيفة والشافعي إلى أنها لا عدة عليها . ينظر "المغني" (11/196) ، و"الإنصاف" (24/100) .

والقول الثاني هو الصواب ، وقد اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فقال : "والقرآن ليس فيه إيجاب العدة بثلاثة قروء إلا على المطلقات ، لا على من فارقها زوجها بغير طلاق ، ولا على من وطئت بشبهة ، ولا على المزني بها ، فإذا مضت السنة بأن المختلعة إنما عليها الاعتداد بحيضة – الذي هو استبراء- فالموطوءة بشبهة والمزني بها أولى بذلك ، كما هو إحدى الروايتين لأحمد في المختلعة وفي المزني بها " انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/340) .

رابعا:

وعلى هذا : فهذان السائلان يجب عليهما أن يفترقا الآن ، وتعتد المرأة من طلاق زوجها بثلاث حيضات ، فإذا انتهت، اعتدت من الزنى بحيضة ، ثم بعد ذلك يتزوجان – إن أرادا- .

ويشترط في هذا النكاح الثاني: شروط النكاح ، كالولي وحضور شاهدين مسلمين ، ويكون لها المهر.

وإذا كان أقاربها من جهة الأب لا تصح ولايتهم عليها لكونهم غير مسلمين ، فإنه يزوجها مدير المركز الإسلامي في مدينتها ، ويكون هو وليها .

وينظر السؤال رقم: (208700).

خامسا :

إذا لم يكن في البيت أحد سواهما، فلا يجوز لهما البقاء فيها معًا ، لأن هذا يعني أنه سيخلو بها ، وهذا محرم ، مع ما فيه من تعريض أنفسهما للمعصية مرة أخرى .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" إذا طلقها الطلقة الثالثة: فإن كان في البيت سواها بحيث لا يحصل خلوة بينها وبين زوجها المطلق، فلا بأس أن تبقى في البيت، ولها أن تنتقل إلى أهلها.

وأما إذا لم يكن في البيت إلا الرجل الذي طلقها الطلقة الثالثة، فإنه يجب عليها أن تخرج؛ وذلك لأنها صارت بائنةً منه، لا تحل له، وعلى هذا لا يجوز له أن يخلو بها فتخرج إلى بيت أهلها " انتهى. "فتاوى نور على الدرب" (10/434).

سادسا :

كونك تفتي الناس وترشدهم في أمور دينهم عمل حسن ، لكننا نخشى على طالب العلم المبتدئ الذي يريد أن يستقل بنفسه، وينظر في الأدلة الشرعية ويستنبط منها الأحكام ، نخشى عليه كثرة الزلل والخطأ .

فالذي نوصيك به هو الاجتهاد في طلب العلم ، وبذل الوسع في ذلك ، وليكن دورك في هذه المرحلة هو نقل أقوال العلماء وفتاواهم للسائلين ، فتكون واسطة بين العلماء وعوام المسلمين ، حتى تتمكن من طلب العلم ، فتنتقل إلى مرحلة أخرى وهي الموازنة بين أقوال العلماء والنظر في أدلتهم والترجيح بينها ، وقد يكون في المسألة نص عن النبي صلى الله عليه وسلم ظاهر ظهورا قويا ، فالأحسن أن تفتي به بعد التأكد من صحة معرفة معناه .

والله أعلم.

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android