أولا :
المؤمن يؤمن بأن كل ما خلقه الله تعالى أو شرعه هو في غاية الحكمة، ويؤدي إلى الصلاح، فإن من أسماء الله تعالى: "الحكيم والعليم والخبير " وهي كلها تدل على المبالغة في علم الله تعالى بدقائق الأشياء، وكمال حكمته.
وحكمة الله تعالى فوق ما تدركه عقولنا، فإن الإنسان لا يمكنه أن يحيط بحكمة الله تعالى، بل يمكن أن يطلعنا الله تعالى على شيء من هذه الحكمة، ويمكن أن يخفيها عنا تماما، ليختبر إيماننا وتسليمنا له سبحانه وتعالى.
ومن هذا: ما ورد في السؤال، فقد ذكر بعض الأطباء وغيرهم الحكمة من وجود غشاء البكارة للمرأة ، فقالوا :
- ليمنع دخول الأجسام الدقيقة من خارج المهبل إلى داخله ، فيؤدي ذلك إلى الإضرار بالمرأة.
- وليمنع التلوث عن هذه المنطقة، لاسيما في سن الطفولة وعدم إحسان البنت للتطهر، فوجود هذا الغشاء يمنع دخول قطرات من البول إلى هذا المكان فيؤدي إلى التلوث والالتهابات.
- وقد يقال : من حكم ذلك : ليكون مانعا للمرأة من ارتكاب الفاحشة، وذلك لأن المرأة تغلب جانب العاطفة ومن السهل خداعها من هذا الجانب كما هو معلوم ، فخلق الله تعالى هذا الغشاء ليحدث توازنا بين العقل والعاطفة، فتنفكر المرأة في عاقبة فعلها قبل الإقدام عليه، فيكون ذلك سببا لامتناعها عنه، وهذا في مصلحة المرأة كما هو ظاهر، وليس المراد منه فضيحتها كما ورد في السؤال.
- وبالقطع هناك حكم أخرى ومصالح أخرى من وراء وجود هذا الغشاء، علمها من علمها، وجهلها من جهلها. وهذه الحكم والمصالح هي من مصالح المرأة ولا تضر بها .
ثانيا :
الذي نقطع به أنه ليس المقصود من وجود هذا الغشاء فضيحة المرأة، فإن الله تعالى يستر عباده، ويجب الستر، ويحب أن يتوبوا إليه ولا يفتضح أمرهم.
ومما يدل على ذلك :
أن المرأة قد ترتكب الفاحشة ويبقى هذا الغشاء ولا يزول، لأسباب يعرفها أهل الطب، فوجوده لا يعني بالضرورة طهارة المرأة.
كما أنه قد يزول بعدة أسباب كالسقوط أو الضرب أو حادث أو مرض .. إلخ، فزواله لا يعني بالضرورة عدم طهارة المرأة وعدم عفتها.
فتبين بذلك أن هذا الغشاء ليس المراد منه الحكم على المرأة بالعفة أو عدمها.
ومما يؤكد ذلك .. أن المرأة المتزوجة (الثيب) لا سبيل إلى إثبات عفتها عن طريق هذا الغشاء، وقد تزني فيسترها الله، وقد تزني، فتفتضح، بأمر لا علاقة له بذلك، كما هو معلوم.
فالحاصل : أن ما خلقه الله تعالى هو الحكمة، علمنا حكمة ذلك أو جهلناها.
ثالثا:
هذه الأمور يثيرها بعض الناس إما جهلا وإما تشكيكًا وإما تضييعا للوقت ودخولا فيما لا يعنيهم ولا يعلمونه ، فيتكلمون بغير علم .
فعلى المسلم ألا يلتفت إلى شيء من ذلك ، ويرضى بما خلقه الله تعالى وشرعه ، ويدع ما لا ينفعه ، ويقبل على ما ينفعه ، فإن الإنسان لن يسأل يوم القيامة عن الحكمة من هذا الغشاء ، وإنما سيُسأل عن إيمانه وعبادته وطاعته لله تعالى ورسله ، فليهتم المسلم بذلك ويدع ما وراءه .
وينظر جواب السؤال (535350)
والله أعلم.