الحمد لله.
التربح من النقر على الإعلانات ونحوها، يجوز بشروط:
الأول: أن يكون الدخول في ذلك مجانا، فإن كان بمقابل، حرم؛ لما فيه من المقامرة، فإن المشترك يدفع مالا، ولا يدري هل يحصل مثله أو اكثر أو أقل، وهذا ميسر محرم؛ لأنه غُرم محقق، وغُنم محتمل.
وفي "الموسوعة الفقهية" (39/404): " وقال ابن حجر المكي: الميسر: القمار بأي نوع كان، وقال المحلي: صورة القمار المحرم: التردد بين أن يغنم وأن يغرم" انتهى.
الثاني: أن تكون الإعلانات والمنتجات مباحة، ليس فيها محرم ولا إعانة على محرم؛ لتحريم الإعانة على المعصية. قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2
الثالث: ألا يكون في ذلك غش وخداع للغير.
والذي يظهر: أن النقر على المنتجات، لزيادة عدد مرات مشاهدة المنتج: يدخل في الغش المحرم؛ لأنه يوهم الزبائن أنه منتج مرغوب مطلوب، وليس الأمر كذلك، أو ليس الطلب عليه بالقدر الذي ظهر بعد استعمال التطبيق.
والغش كبيرة من الكبائر؛ لما روى مسلم (102) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي).
قال ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/ 393): " (الكبيرة الموفية المائتين: الغش في البيع وغيره كالتصرية وهي منع حلب ذات اللبن إيهاما لكثرته) أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا"، ومسلم وابن ماجه والترمذي عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصبعه بللا فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟" قال أصابته السماء - أي المطر - يا رسول الله، قال: "أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ من غشنا فليس منا" . والترمذي: "من غش فليس منا". وأبو داود: أنه صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما فسأله كيف تبيع؟ فأخبره فأوحى إليه أن أدخل يدك فيه فإذا هو مبلول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من غش".
وهذا النوع من الغش شبيه بالنجش الذي حرمته الشريعة، وهو أن يزيد في ثمن السلعة من لا يريد شراءها.
روى البخاري (2150)، ومسلم (1413) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا).
قال في "مطالب أولي النهى" (3/ 101): "النجش حرام؛ (لما فيه من تغرير مشترٍ" انتهى.
وهذا النقر على المنتج فيه تغرير المشتري، وإيهامه أن المنتج عليه إقبال وطلب.
والله أعلم.
تعليق