الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

لماذا يمنع الرجال من لبس الحرير الطبيعي ؟

3662

تاريخ النشر : 06-03-2006

المشاهدات : 96748

السؤال

أريد أن أعرف لماذا الرجال ممنوعون من لبس الحرير مع أنهم سيلبسونه في الجنة ؟.

الجواب

الحمد لله.

أولا :

ينبغي أن يُعلم أن الله عز وجل حكيم في أمره ونهيه جل وعلا فلا يأمر إلا بما فيه مصلحة ولا ينهى إلا عما فيه مفسدة وهذه الحكم من الأوامر والنواهي قد تظهر لخلقه وقد لا تظهر وإن كان له جل وعلا حكمة في نفس الأمر ، فإذا علم هذا فلا يصح تعليق العمل على العلم بالحكمة من الأمر والنهي بل ينبغي المبادرة إلى تنفيذ الأمر الشرعي سواء ظهرت الحكمة أم لم تظهر فإن ظهرت فالحمد لله ، وإن لم تظهر فإن المسلم لا يمنعه جهله بالحكمة من العمل بالحكم الشرعي والمبادرة إلى تطبيقه وهذه حقيقة التسليم لأمر الله جل وعلا ، والإسلام هو الاستسلام لله تعالى والانقياد له بالطاعة ، والإنسان إذا علّق العمل على ما يظهر له من الأمور التي قد تُقنعه وقد لا تُقنعه صار متبعا في الحقيقة لعقله وهواه لا لربه ومولاه .

ولا يعني ما سبق الحطّ من تلمّس حكمة التشريع وماذا وراء الأحكام من السباب أو تحريم النظر في ذلك ولكن المراد عدم التعليق والربط بين العمل بالحكم الشرعي وبين ظهور الحكمة منه .

ثانيا :

ليس هناك تلازم بين المحرمات في الدنيا وإباحتها في الآخرة فلا يصح أن تقاس الآخرة على الدنيا فلكلّ من الدّارين أحكام مختلفة ، ولا يصحّ أن يقال بإباحة الشيء في الدنيا قياسا على إباحته في الجنة أو في الآخرة وإلا وقعنا في إباحة ما هو معلوم من الدين بالضرورة أنه حرام كشرب الخمر والإمساك بأكثر من أربع زوجات في العصمة والغناء وغير ذلك من المحرمات وبناء على ذلك فالإستشكال الوارد في السّؤال على حرمة الحرير في الدنيا مع إباحته في الجنة هو استشكال مدفوع .

ثالثا :

لقد تكلم العلماء حكمة تحريم الحرير في الدنيا على الرجال ومن ذلك ما ذكره العلامة ابن القيم في زاد المعاد في كلام رائع ، قال رحمه الله تعالى : ( ومثبتو التعليل والحِكَم وهم الأكثرون منهم من يجيب عن هذا بأن الشريعة حرّمته لتصبر النفوس عنه ، وتتركه لله ، فتُثاب على ذلك .

ومنهم من يجيب عنه بأنه خُلق في الأصل للنساء ، كالحلية بالذهب ، فحرّم على الرجال لما فيه من مفسدة تشبه الرجال للنساء ، ومنهم من قال : حُرّم لما يورثه من الفخر والخيلاء والعجب . ومنهم من قال : حُرّم لما يورثه بملامسته للبدن من الأنوثة والتخنث ، وضد الشهامة والرجولة فإن لبسه يكسب القلب صفة من صفات الإناث والرخاوة ما لا يخفى ، حتى لو كان من أشهم الناس وأكثرهم فحولية ورجولية ، فلا بد أن يُنقصه لبس الحرير منها ، وإن لم يُذهبها ، ومن غلظت طباعه وكثفت عن فهم هذا ، فلْيسلّم للشارع الحكيم ) زاد المعاد 4/80 .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد