الحمد لله.
أولا:
حكم من ترك صوم رمضان
صيام رمضان فريضة محكمة، لا يجوز التهاون بها، ولا يحل الفطر في رمضان إلا لعذر من مرض أو سفر. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة / 183 .
وروى البخاري (8) ومسلم (16) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَان .
فمن ترك الصوم فقد ترك ركناً من أركان الإسلام ، وفعل كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، بل ذهب بعض السلف إلى كفره وردته، عياذا بالله من ذلك.
وقد روى أبو يعلى في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الإسلام من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة المكتوبة، وصوم رمضان .
والحديث صححه الذهبي، وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 48) والمنذري في الترغيب والترهيب برقم 805، 1486، وضعفه الألباني في السلسة الضعيفة برقم 94.
وقال الذهبي في الكبائر ص 64: "وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان، بلا مرض ولا غرض (أي بلا عذر يبيح ذلك): أنه شر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال" انتهى.ومما صح من الوعيد على ترك الصوم ما رواه ابن خزيمة (1986) وابن حبان (7491) عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعيّ (الضبع هو العضد) فأتيا بي جبلا وعِرا، فقالا: اصعد. فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك. فصعدت، حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار.
ثم انطلقا بي، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تَحِلَّة صومهم
صححه الألباني في صحيح موارد الظمآن برقم 1509.
قال الألباني رحمه الله: "هذه عقوبة من صام، ثم أفطر عمدا قبل حلول وقت الإفطار؛ فكيف يكون حال من لا يصوم أصلا؟! نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة" انتهى.
والعُرقوب هو العَصَب الذي فوق مؤخرة قدم الإنسان.
والشِّدق هو جانب الفم.
ثانيا:
ما هو المرض الذي يبيح الفطر؟
المرض الذي يبيح الفطر هو المرض الذي يلحق بالصائم مشقة ظاهرة.
قال النووي في "المجموع" (6/261): " الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ لا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ... وَهَذَا إذَا لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِالصَّوْمِ، وَلا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى حَالَةٍ لا يُمْكِنُهُ فِيهَا الصَّوْمُ , بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا: شَرْطُ إبَاحَةِ الْفِطْرِ: أَنْ يَلْحَقَهُ بِالصَّوْمِ مَشَقَّةٌ يُشَقُّ احْتِمَالُهَا." انتهى.
وقال:
"وَأَمَّا الْمَرَضُ الْيَسِيرُ الَّذِي لا يَلْحَقُ بِهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ: لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ بِلا خِلَافٍ عِنْدَنَا." انتهى من المجموع (6/261).
فإذا لم تكن زوجتك التي أسلمت حديثا مريضة يلحقها مع الصوم مشقة، فلا يجوز لها أن تفطر، وعليك أن تبين لها ذلك، وأن الفطر كبيرة من الكبائر، وينبغي استشارة الطبيب في مسألة النوم والقلق، ولا حرج في أخذ علاج لذلك، إذا استدعى الأمر، وما احتاجته من دواء للنوم، أو القلق، أو نحو ذلك: فإنها تأخذه في الليل، ما دام ذلك ممكنا، لتحافظ على صومها، ولا تنتهك حرمة الشهر بمجرد قلقها أو ظنونها.
والله أعلم.
تعليق