الأربعاء 24 جمادى الآخرة 1446 - 25 ديسمبر 2024
العربية

الحديث الواحد قد تتنوع ألفاظ متنه، وتتعدد الأسانيد إلى مداره.

373682

تاريخ النشر : 09-03-2022

المشاهدات : 4194

السؤال

الحديث الأول الوارد في الأربعين النووية: ذكر الإمام النووي رحمه الله تعالى أنه موجود في البخاري ومسلم، لكن عندما نظرت في البخاري ومسلم ، كان المتن والسند مختلفاً قليلاً، بالتالي بما أنّ سند ومتن الحديث مختلف قليلاً ، فكيف نعرف أيّ حديث يشير إليه الإمام النووي رحمه الله تعالى

الجواب

الحمد لله.

حديث:  إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى .

هو من الأحاديث التي اتفق على روايتها البخاري (1)، (54)،(2529)،(3898)،(5070)، (6689)،(6953)، ومسلم(1907).

ووجود تغاير يسير بين رجال أسانيد هذه الروايات، وبعض ألفاظها، هذا لا يخرجها عن كونها حديثا واحدا؛ لأن:

مدار إسناده واحد، فكل هذه الروايات ترجع أسانيدها إلى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، عن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيّ، عن عَلْقَمَةَ بْن وَقَّاصٍ اللَّيْثِيّ، عن عُمَرَ بْن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ثم عن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيّ انتشر الحديث؛ فرواه عنه تلاميذ كثر.

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

" هذا الحديث تفرد بروايته يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد ابن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص الليثي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وليس له طريق تصح غير هذه الطريق، كذا قال علي بن المديني وغيره. وقال الخطابي: لا أعلم خلافا بين أهل الحديث في ذلك...

ثم رواه عن الأنصاري الخلق الكثير والجم الغفير... ومن أعيانهم: مالك، والثوري، والأوزاعي، وابن المبارك، والليث بن سعد، وحماد بن زيد، وشعبة، وابن عيينة، وغيرهم " انتهى من"جامع العلوم والحكم" (1 / 59 - 61).

وأما الاختلاف في بعض ألفاظه، فهذا مذهب مشهور عند أهل العلم على جواز رواية الحديث بتغيير في ألفاظه مع المحافظة على معناه.

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

" قال الترمذي - رحمه الله -:

فأما من أقام الإسناد وحفظه، وغيَّر اللفظ، فإن هذا واسع عند أهل العلم، إذا لم يتغير به المعنى...

مقصود الترمذي بهذا الفصل الذي ذكره ههنا: أن من أقام الأسانيد وحفظها، وغير المتون تغييرا لا يغير المعنى، أنه حافظ ثقة، يعتبر بحديثه.

(وبنى ذلك على) أن رواية الحديث بالمعنى جائزة وحكاه عن أهل العلم.

وكلامه يشعر بأنه إجماع، وليس كذلك، بل هو قول كثير من العلماء. ونص عليه أحمد، وقال: ما زال الحفاظ يحدثون بالمعنى.

وإنما يجوز ذلك لمن هو عالم بلغات العرب ، بصير بالمعاني ، عالم بما يحيل المعنى وما لا يحيله. نص على ذلك الشافعي " انتهى من"شرح علل الترمذي" (425 – 427).

ولهذا، فالإمام مسلم ساق الحديث (1907): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.

ثم قال الإمام مسلم: " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ ابْنُ زَيْدٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ، ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِإِسْنَادِ مَالِكٍ، وَمَعْنَى حَدِيثِهِ "انتهى.

فالحاصل:

أن هذه الروايات هي حديث واحد؛ مدار إسناده واحد، وأصل متنه واحد، وإنما تنوعت بعض ألفاظه مع اتفاق المعنى.

فقول النووي رحمه الله تعالى عن هذا الحديث : "رواه البخاري ومسلم" : ينطبق على جميع روايات هذا الحديث.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب