الحمد لله.
بر الوالدين والإحسان إليهما مخاطب به جميع الأولاد المتزوج والأعزب، لعموم الأدلة بذلك.
كقول الله تعالى:( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) النساء/36.
وقول الله تعالى:(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/23–24.
وهذا خطاب لكل من بلغه هذا الأمر، وليس خاصا بالأعزب.
ولا شك أن كل مسلم يسعى في طلب رضوان الله تعالى، ومن أعظم أبواب الوصول إليه: هو استدعاء رضا الوالد، بإظهار الاهتمام به ورعايته بما يدخل السرور في قلبه والرضا عن ولده.
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ ).
رواه الترمذي (1899) وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (2/340).
والاعتناء بالوالد سبيل من سبل الجنة.
عن طَيْسَلة بْن مَيّاس قَالَ: " قال لي ابن عمر: أتفرق من النَّارَ، وَتُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟
قُلْتُ: إِي وَاللَّهِ!
قَالَ: أَحَيٌّ وَالِدُكَ؟
قُلْتُ: عِنْدِي أُمِّي.
قَالَ: فَوَاللَّهِ! لَوْ أَلَنْتَ لَهَا الْكَلَامَ، وَأَطْعَمْتَهَا الطعام، لتدخلن الجنة ما اجتنبت الكبائر".
رواه البخاري في "الأدب المفرد" (8)، وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد".
فالحاصل؛ أن بر الوالدين ليس مجرد تكليف يسعى الولد إلى التخلص منه بأن يحمّل أعباءه على إخوانه، وإنما هو باب عظيم من أبواب الأجر، ينبغي لجميع الأولاد أن يتنافسوا فيه، ويسعى كل واحد أن يستأثر به ويسبق إليه.
قال الله تعالى:(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) الحديد/21.
ولا شك أن الأمر بالبر ليس خاصا ببعض الأولاد دون بعض، كما أن النفقة عليهم، إن لم يكن لهم مال: لا يخص بها الأعزب ولا المتزوج، ولا شخص دون شخص، بل هم في ذلك جميعا على السواء، لا سيما إن كانوا جميعا أصحاب مال يسع نفقة الوالدين.
والحاصل:
أن رعاية الوالدين: لا يكلف بها الأعزب من الأبناء فقط، بل يطالبون بها جميعا ، فإن لم تقدر العزباء أو لم يقدر الأعزب منهم على القيام بذلك بنفسه، أو قدر ، لكنه طلب مشاركة إخوانه له في ذلك: وجب عليهم أن يفعلوا ذلك، وأن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه والديهم، وأن يتقاسموا خدمة الوالدين بينهم جميعا، إما بتقسيم الأدوار بين الأبناء، أو باستئجار من يقوم بخدمة الوالدين، وتكون أجرته في أموالهم، إن لم يكن للوالدين مال. وهكذا .
وهذا كله إنما يقال عند التنازع والتخلي عن المسئولية .
ولكن الذي ينبغي على الأبناء : أن يقوموا برعاية والديهم؛ طيبة بذلك نفوسهم ، ويحرصون على ذلك ، ويحتسبون الأجر عند الله تعالى .
ونوصيكِ بالصبر والاحتساب ، والتفاهم مع إخوتك في ذلك باللين ؛ وإننا لنرجو أن يبارك الله لك، ويخلف لك خيرا ، ويجزيك عن صحبة والديك بالحسنى ، ويحسن عاقبتك في الأمور كلها.
ولمزيد الفائدة تحسن مطالعة جواب السؤال رقم:(326674).
والله أعلم.
تعليق