السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

أعطاه شخص غرضاً لإيصاله ووضع داخله مالاً ولم يخبره، فتعرض للحبس والغرامة فهل له طلب تعويض منه؟

379970

تاريخ النشر : 17-07-2022

المشاهدات : 1524

السؤال

شخص يعمل بالخارج، ولديه محل وبيت خاص به، وعند سفره إجازة لبلده طلب منه أحد جيرانه في الخارج توصيل ستارة منزلية لأهله، وتفاجأ في المطار أن هذه الستارة فيها مبلغ من المال ٨٨ ألف دولارا، وتم القبض عليه مدة يومين، وخرج بكفالة ١٠٠ ألف جنيها مصريا، دفعت من المبلغ المهرب؛ وأرجعت شرطة المطار له ١٠ ألاف دولارا، المبلغ القانوني المسموح به من المبلغ المهرب، وأصبحت قضية مثبتة على هذا الذي أراد صنع المعروف، وفي انتظار الحكم. السؤال: ما الذي يحل لهذا الشخص من هذا المال؟ هل له حق في مطالبة أصحاب المال بتعويض نظير ما لحقه من ضرر، وما قد يلحقه - لا سمح الله - إذا حكم عليه بسجن فيتضرر عمله وتجارته، وتبعات ذلك في المستقبل من إثبات مثل هذه القضية عليه؟ وهل يحل له إذا أراد أصحاب المال تعويضه بمبلغ من المال بالتراضي؟ وإذا توسط شخص في توكيل محام لإنهاء القضية، واتفق هذا الشخص مع المحامي بمبلغ 60 ألف، على أن يخبر المحامي أصحاب المال أنه أجرته 200 ألف، فهل يجوز له أخذ الفرق؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

قد أخطأ صاحب المال بإرسال هذا المبلغ مع جاره دون إخباره، وقد حمّله بذلك بلاء كبيرا، نسأل الله أن يفرج كربه، وييسر أمره.

وما ينشأ عن القضية من غرامة مالية أو تكاليف محاماة، فهي على صاحب المال؛ لأنه معتد متسبب في ذلك، والمجني عليه متبرع، فلا يتحمل شيئا، وقد قال تعالى: (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ) التوبة/91.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: " العلماء رحمهم الله نصوا على أن كل من غرم غرامة بسبب عدوان شخص آخر؛ أن ذلك الشخص هو الذي يحمل تلك الغرامة، قال شيخ الإسلام في "كتاب الاختيارات": ومن مطل صاحب الحق حقه حتى أخرجه إلى الشكاية، فما غرمه بسبب ذلك فهو على المظالم المبطل، إذا كان غرمه على الوجه المعتاد.

وقال في "الإنصاف" في باب الحجر: لو مطل غريمه حتى أحوجه إلى الشكاية، فما غرمه بسبب ذلك يلزم المماطل.

وقال شيخ الإسلام: لو غرم بسب كذب عليه عند ولي الأمر، رجع به على الكاذب" انتهى من "فتاوى الشيخ" (13/ 55).

وأما التعويض عن الضرر المعنوي والأذى النفسي، فلا يحل.

وأجره على الله إن صبر واحتسب، وكم تسبب إنسان في أذى أخيه وألحق به من ضرر معنوي.

جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " رقم 109 (3/ 12) بشأن موضوع " الشرط الجزائي " ما نصه: "الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي ... ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي" انتهى.

وجاء في "الموسوعة الفقهية"(13/40) تحت عنوان " التعويض عن الأضرار المعنوية: "لم نجد أحداً من الفقهاء عبَّر بهذا، وإنما هو تعبير حادث، ولم نجد في الكتب الفقهية أن أحداً من الفقهاء تكلم عن التعويض المالي في شيء من الأضرار المعنوية" انتهى.

وكذا لا يحل إخباره بأكثر من التكلفة الحقيقية للمحامي؛ لما في ذلك من الكذب وأكل المال بالباطل.

ثانيا:

إذا ترتب على ذلك سجن وفقدان للعمل، فالظاهر أن يقال: يلزم تعويضه براتب مدة سجنه، أخذا مما قاله بعض الفقهاء فيمن جنى جناية أدت إلى تعطيل المجني عليه عن صنعته وعمله، ولم يكن في الجناية دية مقدرة.

ولم نقف على شيء في خصوص المسألة.

نقل ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (11/ 89) عن شريح أنه "قضى في الكسر إذا انجبر قال: لا يزيده ذلك إلا شدةً، يُعطى أجرَ الطبيب وقدرَ ما شُغل عن صنعته".

وفي "الدر المختار" ص 707: "وفي جواهر الفتاوى: رجل جرح رجلا، فعجز المجروح عن الكسب؛ يجب على الجارح النفقة والمداواة" انتهى.

وقال الشيخ عبد الله المطلق: "وأما الجنايات التي ليس فيها شيء مقدر، فلا أرى هناك ما يمنع من الأخذ بما استحسنه بعض المالكية من لزوم تحمل نفقات العلاج فيها مطلقا؛ عملا بالقاعدة الشرعية: الضرر يزال. حيث إن العلاج وسيلة إزالة ضرر الجراحة، وقد ألحق الجاني ضرر الجراحة بالمجني عليه، فلزمه إزالته بالعلاج؛ لا سيما وأنها في الغالب ليست خطيرة كخطورة ما فيها شيء مقدر. ومن ثم فإذا برئت الجناية على شَيْنٍ، أخذ زيادة على ذلك الحكومة [أي : التعويض]" انتهى من بحثه "مسؤولية الجاني عن علاج المجني عليه وضمان تعطله عن العمل" منشور بمجلة البحوث الإسلامية (70/ 314).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب