الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

أبرأت والدته والده من الدين ولكنها تذكر الأمر مرارا فهل تعطى الدين من التركة؟

381247

تاريخ النشر : 01-08-2022

المشاهدات : 3285

السؤال

توفي والدي ـ أسأل الله له الرحمة والمغفرة ـ منذ سنة تقريبا، علمت أن والدي قد أخذ مبلغا ماليا من والدتي منذ زمن طويل جدا؛ لشراء أرض، بنى عليها البيت الذي نعيش فيه حاليا، على أن يرد لها هذا المبلغ فيما بعد،، وقد علمت فيما بعد أنه لم يقم برد هذا البلغ لوالدتي الطاعنة في السن، والتي تقول: إنها تحله من هذا الدين، لكنها تذكر هذا الموضوع بشكل متكرر. فهل توصون برد هذا المبلغ للوالدة سدادا لدين والدي؟ وهل سداد هذا الدين يعطيني الحق في تملك الأرض بالاتفاق مع الورثة أم الأصح أن تعود الأرض بسداد المبلغ للوالدة في ملكية والدي المتوفى، ثم تقسم حسب الشرع على الورثة؟ كما أن مبلغ مؤخر الصداق المحدد في عقد زواج والدي المتوفى ووالدتي لم يدفع لوالدتي حتى الآن؛ بحكم العرف السائد في بلادنا أن المؤخر يدفع عند الطلاق، فهل هذا يعتبر دينا في ذمة والدي واجب السداد؟ وفي حال قمت بسداد هذه المبالغ باعتبارها دينا في ذمة والدي المتوفى، هل يجوز لي إخراجها من زكاة مالي حالا، قبل أن يحل موعد الزكاة إبراءً لذمة والدي ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا أبرأت والدتك والدك من الدين، في حياته أو بعد وفاته، فإنه لا يبقى في ذمته شيء، ولا تملك الرجوع في إبرائها.

وفي "الموسوعة الفقهية" (1/168): "ذهب الحنفية والحنابلة - وهو قول للشافعية - إلى أنه لا يستفيد من رجوعه شيئا؛ لأن ما كان له: سقط بالإبراء، والساقط لا يعود، ولا بقاء للدين بعده، فأشبه ما لو وهبه شيئا فتلف" انتهى.

وليس لك أن تسدد الدين من التركة إلا بموافقة جميع الورثة إذا كانوا بالغين راشدين، فيكون هذا منهم هبة وإحسانا.

ثانيا:

مؤخر الصداق دين على الزوج، يُستحق بالطلاق أو الموت.

قال ابن القيم رحمه الله :" فصل: تأجيل جزء من المهر وحكم المؤجل... الذي اتفق الزوجان على تأخير المطالبة به، وان لم يسميا أجلا، بل قال الزوج مائة مقدمة ومائة مؤخرة؛ فإن المؤخر لا يستحق المطالبة به إلا بموت أو فرقة.

هذا هو الصحيح، وهو منصوص أحمد فإنه قال في رواية جماعة من أصحابه: إذا تزوجها على العاجل والآجل، لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة. واختاره قدماء شيوخ المذهب والقاضي أبو يعلى، وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية، وهو قول النخعي والشعبي والليث بن سعد .. " انتهى من "إعلام الموقعين"(3/81) .

وينظر: جواب السؤال رقم:(145955). 

ثالثا:

لا يجوز سداد دين الميت من الزكاة، في قول جمهور الفقهاء.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/281) :

" قَالَ الإمام أَحْمَدَ لا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَلَا يُقْضَى مِنْ الزَّكَاةِ دَيْنُ الْمَيِّتِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْغَارِمَ هُوَ الْمَيِّتُ وَلَا يُمْكِنُ الدَّفْعُ إلَيْهِ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى غَرِيمِهِ صَارَ الدَّفْعُ إلَى الْغَرِيمِ لَا إلَى الْغَارِمِ" انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/236) : " لا يقضى دين الميت من الزكاة لأمور ثلاثة:

أولاً : أن الظاهر من إعطاء الغارم أن يزال عنه ذل الدين.

ثانياً : أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان لا يقضي ديون الأموات من الزكاة، فكان يؤتى بالميت وعليه دين، فيسأل صلّى الله عليه وسلّم هل ترك وفاء؟ فإن لم يترك لم يصل عليه. وإن قالوا : له وفاء ، صلى عليه ، فلما فتح الله عليه وكثر عنده المال، صار يقضي الدين بما فتح الله عليه عن الأموات، ولو كان قضاء الدين عن الميت من الزكاة جائزاً ، لفعله صلّى الله عليه وسلّم .

ثالثاً : أنه لو فتح هذا الباب لعطل قضاء ديون كثير من الأحياء؛ لأن العادة أن الناس يعطفون على الميت أكثر مما يعطفون على الحي، والأحياء أحق بالوفاء من الأموات" انتهى بتصرف.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب