الاثنين 17 جمادى الأولى 1446 - 18 نوفمبر 2024
العربية

خبر مخاطبة عقبة بن نافع للوحوش عند بناء مدينة القيروان

384762

تاريخ النشر : 10-11-2022

المشاهدات : 13482

السؤال

هل قصة عقبة بن نافع عندما نادى في الغابة وهو يأمر الحيوانات بالخروج لبناء مدينة القيروان صحيحة؟

ملخص الجواب

خبر مخاطبة عقبة بن نافع للوحوش عند بناء مدينة القيروان مشهور عند أهل التاريخ وبعض أسانيده مما يستأنس به في مثل هذه الأبواب؛ التاريخ والمناقب. وينظر الجواب المطول، وففيه مزيد من التفصيل حول أسانيد القصة 

الجواب

الحمد لله.

هذا الخبر مشتهر عند أهل التاريخ.

فرواه ابن سعد في "الجزء المتمم للطبقات / الطبقة الرابعة من الصحابة" (ص 466-469)، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْن أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ قَالَ: " لَمَّا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِصْرَ، بَعَثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْقُرَى حَوْلَهَا الْخَيْلَ تَطَأُهُمْ، فَبَعَثَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ...

فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَجَّهَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ غَازِيًا فِي عَشْرَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَافْتَتَحَهَا، وَاخْتَطَّ قَيْرَوَانَهَا، وَقَدْ كَانَ مَوْضِعَهُ غَيْضَةٌ لَا تُرَامُ مِنَ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الدَّوَابِّ، فَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ مِمَّا كَانَ فِيهَا مِنَ السِّبَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا خَرَجَ مِنْهَا هَارِبًا بِإِذْنِ اللَّهِ، حَتَّى أَنْ كَانَتِ السِّبَاعُ وَغَيْرُهَا لتَحْمِلُ أَوْلَادَهَا " انتهى.

وقال في (ص469-470): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " نَادَى عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ: إِنَّا نَازِلُونَ، فَاظْعَنُوا. قَالَ: فَرُئِينَ يَخْرُجْنَ مِنْ حُجُرَتِهِنَّ هَوَارِبَ ".

وفي إسناد الخبرين مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وهو الواقدي، وهو متروك.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

"محمد بن عمر بن واقد الأسلمي، مولاهم، الواقدي، صاحب التصانيف، مجمع على تركه" انتهى من"المغني"(2/619).

وقال أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم في "طبقات علماء إفريقية"(ص 8): وَحَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ ابن لَهِيعَةَ: "أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ، لَمَّا قَدِمَ إِفْرِيقِيَّةَ وَقَفَ عَلَى وَادِي الْقَيْرَوَانِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْوَادِي اظْعَنُوا، فَإِنَّا نَازِلُونَ، وَإِنَّا مَنْ وَجَدْنَاهُ فَقَلْنَاهُ. قَالَ: فرُئين يَخْرُجْنَ مِنْ أَجحارِهِنَّ هَوَارِبَ، فَلَمْ يَزَالُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا حَتَّى أَوْجَعَتْهُمُ الشَّمْسُ، وَلَمْ يَرَوْا مِنْهَا شَيْئًا، فَنَزَلُوا الْوَادِي، قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ كَانَ مُسْتَجَابًا " انتهى.

وفي سنده فُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ وهو: متروك، متهم.

قال ابن حجر رحمه الله تعالى:

"فرات بن محمد بن فرات العبدي القيرواني، سمع من أبي زكريا الحضرمي، وابن رشيد، وغيرهما بإفريقية، ومن أبي بكير، وأصبغ، ونعيم بن حماد، وغيرهم بمصر.

قال أبو العرب: سمعت منه كثيرا. وقال ابن حارث: كان يغلب عليه الرواية والجمع ومعرفة الأخبار، وكان ضعيفا متهما بالكذب أو معروفا به" انتهى من"لسان الميزان"(6/326).

ورواه أيضا في (ص 8–9)، قال:

" وَقَدْ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَحَبِيبُ بْنُ نَصْرٍ صَاحِبُ مَظَالِمِ سُحْنُونٍ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ سُحْنُونِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ وَهِبٍ،عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ:" بَلَغَنِي أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ غَزَا قَبْلَ ذَلِكَ إِفْرِيقِيَّةَ، يَعْنِي: قَبْلَ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ، فَأَتَى وَادِي قَيْرَوَانَ، فَبَاتَ عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ وَقَفَ عَلَى رَأْسِ الْوَادِي، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْوَادِي، اظْعَنُوا فَإِنَّا نَازِلُونَ، قَالَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَجَعَلَتِ الْعَقَارِبُ وَالْحَيَّاتُ وَغَيْرُهَا، مِمَّا لا يُعْرَفُونَ مِنَ الدَّوَابِّ، تَخْرُجُ ذَاهِبَةً، وَهُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، مِنْ حِينِ أَصْبَحُوا حَتَّى أَوْجَعَتْهُمُ الشَّمْسُ، وَحَتَّى لَمْ يَرَوْا مِنْهَا شَيْئًا، فَنَزَلُوا الْوَادِي عِنْدَ ذَلِكَ ".

قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: وَحَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ الْعَجْلانِ:" أَنَّ أَهْلَ إِفْرِيقِيَّةَ أَقَامُوا بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَوِ الْتَمَسْتَ حَيَّةً، أَوْ عَقْرَبَ بِأَلْفِ دِينَارٍ مَا وَجَدْتَ".

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ: فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا: إِنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ هُوَ الَّذِي فَعَلَ هَذَا، وَغَيْرُ ابْنِ وَهْبٍ يَقُولُ: لا، بَلْ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ هُوَ الَّذِي فَعَلَ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ صَاحِبٌ، وَعُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ لا صُحْبَةَ لَهُ " انتهى.

وهذا سند ضعيف حيث لا يعرف عمّن أخذه الليث بن سعد؛ حيث قال: "بَلَغَنِي أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ".

وزِيَادُ بْنُ الْعَجْلانِ، وأَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَحَبِيبُ بْنُ نَصْرٍ صَاحِبُ مَظَالِمِ سحْنُونٍ؛ لم نقف لهم على ترجمة، ولم نقف على من وثقهم.

وأقوم الروايات سندا ما رواه خليفة بن خياط في "التاريخ" (ص 210)؛ قال:

حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى بْن عَبْد الْأَعْلَى، عَن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمَة، عَن يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حَاطِب، قال:" لما افتتح عقبة بن نافع أفريقية وقف على القيروان، فقال: يا أهل الوادي إنّا حالون إِن شاء اللّه فاظعنوا ثلاث مرّات. قال: فما رأينا حجرا ولا شجرا إلّا يخرج من تحته دابّة، حتّى يهبطن بطن الوادي، ثمّ قال: انزلوا بِسم اللّه".

وعَبْد الْأَعْلَى بْن عَبْد الْأَعْلَى: وثقه غير واحد.

قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:

" عبد الأعلى بن عبد الأعلى...

أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة، فيما كتب إلي، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الاعلى السامي ثقة...

سمعت أبى يقول: عبد الأعلى بن عبد الأعلى صالح الحديث...

سئل أبو زرعة عن عبد الأعلى السامي، فقال: ثقة" انتهى من"الجرح والتعديل" (6/28).

ومُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمَة وثقه عدد من أهل العلم وتكلّم فيه بعضهم، ولخّص حاله الذهبي رحمه الله تعالى بقوله:

" محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، شيخ مشهور، حسن الحديث، مكثر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قد أخرج له الشيخان متابعة... " انتهى. "ميزان الاعتدال" (3/ 673).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"محمد بن عمرو بن علقمة بن وقّاص اللّيثيّ، المدنيّ: صدوق له أوهام" انتهى من"تقريب التهذيب" (ص499).

ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، ثقة.

ولهذا حسّن الحافظ ابن حجر اسناده، حيث قال رحمه الله تعالى:

" وروى خليفة بإسناد حسن: أنّ عقبة لما افتتح إفريقية وقف على القيروان فقال: يا أهل هذا الوادي، إنا حالّون فيه إن شاء اللَّه، فاظعنوا، ثلاث مرات قال: فما نرى حجرا ولا شجرا إلا يخرج من تحته دابّة حتى هبطن بطن الوادي، ثم قال: انزلوا باسم اللَّه " انتهى من"الإصابة" (8/92).

فالحاصل؛ أن هذا الخبر مشهور عند أهل التاريخ وبعض أسانيده مما يستأنس به في مثل هذه الأبواب؛ التاريخ والمناقب.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب