الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1446 - 26 نوفمبر 2024
العربية

باع سيارة بها عيب ولم يبينه فماذا يفعل؟

384874

تاريخ النشر : 10-08-2022

المشاهدات : 9703

السؤال

بعت سيارة عن طريق دلال (شريطي)، قال لي: سأبيعها بالقيمة التي تريدها، وأخذ الباقي من سعرها، ولا تتكلم عن أي عيب بالسيارة، وأترك كل شيء علي، وأتى لي بشخص يريد شراءها من الكويت، وسألني عن السيارة، وقلت له: لا أدري، الآن اشتريتها، فاشتراها مني بالقمية المطلوبة، والدلال طلب أكثر من قيمة السيارة التي طلبتها، وبعد أخذ المبلغ أعطيته الباقي، ماذا علي أن أفعل، والموضوع له سنوات، والآن أخذت ٣ سيارات، ولم أوفق بأي سيارة من الأعطال؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجب على البائع إذا علم عيبا في السلعة أن يبينه؛ لما روى أحمد (17451)، وابن ماجه (2246) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ وصححه الألباني.

ولأنه إن علم العيب وكتمه كان غاشا، والغش من الكبائر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا رواه مسلم (101).

وبيان العيب والصدق في المعاملة من أسباب حصول البركة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا ، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا رواه البخاري(2110)، ومسلم (1532) .

ولا يكفي أن يقول البائع: افحص السيارة، أو بيننا وبينك الفحص، أو أبيعها على البراءة، ما دام يعلم العيب.

فإن كان لا يعلم العيب، جاز أن يبيع على أنه بريء من العيب؛ أي غير مسئول لو ظهر عيب، فيسقط بذلك خيار المشتري في الرد أو الأرش.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والصحيح في مسألة البيع بشرط البراءة من كل عيب، والذي قضى به الصحابة، وعليه أكثر أهل العلم: أن البائع إذا لم يكن يعلم بذلك العيب؛ فلا رد للمشتري" انتهى من "الاختيارات"(ص124).

وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :"والصحيح في هذه المسألة ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو:

إن كان البائع عالماً بالعيب، فللمشتري الرد بكل حال، سواء شرط مع العقد، أو قبل العقد، أو بعد العقد.

وإن كان غير عالم، فالشرط صحيح [أي شرط البراءة]، سواء شرط قبل العقد، أو مع العقد، أو بعد العقد.

وما ذهب إليه شيخ الإسلام هو الصحيح، وهو المروي عن الصحابة رضي الله عنهم، وهو الذي يمكن أن تمشي أحوال الناس عليه؛ لأنه إذا كان عالماً بالعيب، فهو غاش خادع، فيعامل بنقيض قصده، بخلاف ما إذا كان جاهلاً، كما لو ملك السيارة قريباً، ولا يدري بالعيوب التي بها وباعها واشترط البراءة، فالشرط صحيح" انتهى من "الشرح الممتع" (8 /256-257).

ثانيا:

إذا كنت عالما بالعيب ولم تبينه، فالواجب أن تتوب إلى الله تعالى، وإن استطعت الوصول للمشتري فتحلل منه وأعطه أرش العيب إن أراده.

وإن لم تستطع الوصول له، فتصدق بأرش العيب عنه، وبهذا تبرأ ذمتك.

وأرش العيب هو الفرق بين قيمة السيارة معيبة، وقيمتها صحيحة، مأخوذا من الثمن.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله موضحا ذلك:

"قوله: (بأرشه، وهو قسط ما بين قيمة الصحة والعيب).

والأرش فسَّره المؤلف: بقوله: قسط، أي: قسط ما بين قيمة الصحة والعيب.

وقال: قيمة ، ولم يقل: ثمن، والفرق بين القيمة والثمن، أن القيمة هي ثمنه عند عامة الناس، والثمن هو الذي وقع عليه العقد.

فإذا اشتريت ما يساوي ثمانية، بستة، فالقيمة ثمانية، والثمن الستة...

ولهذا قال: قسط ما بين قيمة الصحة والعيب: فيقوَّم هذا الشيء صحيحاً، ثم يقوم معيباً، وتؤخذ النسبة التي بين قيمته صحيحاً، وقيمته معيباً، وتكون هي الأرش، فيسقط نظيرها من الثمن .

ويكون التقويم وقت العقد، لا وقت العلم بالعيب، لأن القيمة قد تختلف فيما بين وقت العقد، والعلم بالعيب" انتهى من "الشرح الممتع" (8/ 318).

وعلى ذلك؛ فلو كانت قيمة السيارة صحيحة 60، وقيمتها معيبة ب 48، فالفرق بينهما 12 وهي خمس القيمة، فيرجع بخمس الثمن، فلو أن السيارة بيعت ب 75 فالأرش 15.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب