الحمد لله.
قد أحسنت باتخاذ أسباب الوقاية والحماية لغيرك؛ من ارتداء الكمامة وتعقيم الأشياء.
ولا داعي للقلق بشأن إصابة الناس بسبب مس المقابض ونحوها دون تعقيم، فقد يمسها غيرك ولا يصاب، فليست العدوى أمرا محتوما، بل لمس ما لمسه المصاب بكورونا: غايته أنه يكون سببا أحيانا، ولو كانت الإصابة محتمة، لأصيب الملايين، ولسمعت أن العشرات قد أصيبوا في الشارع الذي فيه الصيدلية، إضافة إلى من يعمل فيها.
وكم ممن خالط المرضى بكورونا، حتى في حالات متقدمة، ثم لم يصب بالمرض. وكم ممن احترز غاية ما أمكنه، فأصابه المرض، وجاءه قدر الموت.
واعتقاد المسلم في العدوى أن المرض لا يعدي بنفسه، وأن مجالسة المريض أو لمس ما لمسه قد يؤدي للإصابة وقد لا يؤدي، وقد يصاب الإنسان بلا عدوى، كما دل عليه ما روى البخاري (5717)، ومسلم (2220) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ وَلاَ هَامَةَ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا بَالُ إِبِلِي، تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَأْتِي البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا؟ فَقَالَ: فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فلما أورد الأعرابي الشبهة رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (فمن أعدى الأول) وهو جواب في غاية البلاغة والرشاقة.
وحاصله: من أين جاء الجرب للذي أعدى بزعمهم؟ فإن أجيب: من بعير آخر؛ لزم التسلسل، أو سبب آخر، فليفصح به.
فإن أجيب: بأن الذي فعله في الأول، هو الذي فعله في الثاني: ثبت المدَّعى؛ وهو أن الذي فعل بالجميع ذلك: هو الخالق القادر على كل شيء، وهو الله سبحانه وتعالى" انتهى من "فتح الباري"(10/242).
فلو أصيب إنسان بكورونا بعد دخوله الصيدلية، ولمس المقابض، فإننا لا نجزم أن ذلك كان بسببك، فقد يكون بسبب آخر وعدوى أخرى، أو بلا عدوى؛ بل أصيب به ابتداء كما أصيب الأول، وعليه فلا تعدين قاتلة، لا خطأ ولا عمدا ؛ ولا يلزمك شيء.
والله أعلم.
تعليق