الحمد لله.
أولا:
حكم تأقيت البيع بمدة
لا يصح تأقيت البيع بمدة، ولو طالت؛ لأن البيع يفيد نقل الملك على التأبيد، فاشتراط تأقيته، مناف لمقتضى عقد البيع.
قال في "منتهى الإرادات": " البيع: مبادلة عين مالية، أو منفعة مباحة، مطلقا، بأحدهما، أو بمال في الذمة، للتملك على التأبيد، غير ربا وقرض" انتهى.
وقال البهوتي في "شرح المنتهى" (3/5): " (على التأبيد) بأن لم تقيد مبادلة المنفعة بمدة ، أو عمل معلوم، فتخرج الإجارة" انتهى.
وتصح الإجارة لمدة يغلب على الظن بقاء العين فيها، وللمستأجر أن يستوفي النفع بنفسه وبغيره المساوي له في الضرر، فيجوز أن يؤجَّر العقارُ المستأجَر.
ويترتب على الإجارة: أن ضمان العقار وصيانته على المالك، وهو أمانة في يد المستأجر، لا يضمن شيئا فيه إلا بالتعدي أو التفريط.
وهذا بخلاف البيع فإن ضمان العين وصيانتها على المشتري الذي يؤول الملك إليه.
ثانيا:
البيع المؤقت يتخذ حيلة على الربا
البيع المؤقت يُتخذ حيلة على الربا، فثمن البيع هو القرض، والمشتري هو المقرض، وانتفاعه بالعقار فائدة ربوية على القرض، وقد منع جمهور الفقهاء مما يسمى ببيع الوفاء لذلك.
وصورته: أن يبيع من يريد النقود عقاراً ، أو منقولا ، أو حصة من ذلك، على شرط استرداده له عندما يُحضر الثمن.
وإنّما سمّي بيع الوفاء لأنّ المشتري يلزمه الوفاء بالشّرط.
والبيع على هذا الوجه لا يقصد منه حقيقة البيع، وإنّما يقصد من ورائه الوصول إلى الرّبا المحرّم، وهو إقراض المال إلى أجل، بزيادة ربوية، وهي الانتفاع بالمبيع مدة الأجل.
وبيع الوفاء يسميه المالكية " بيع الثُّنْيَا "، والشافعية " بيع العُهدة "، والحنابلة " بيع الأمانة "، ويسمى أيضا " بيع الطاعة " و " بيع الجائز " ، وسمي في بعض كتب الحنفية " بيع المعاملة". وينظر: "الموسوعة الفقهية" (9/260).
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7 - 12 ذي القعدة 1412 هـ الموافق 9 - 14 أيار (مايو) 1992 م، بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (بيع الوفاء) ، وبعد الاستماع للمناقشات التي دارت حول بيع الوفاء وحقيقته: " بيع المال ، بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري إليه المبيع" ، قرر ما يلي"
أولا: أن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعا) ؛ فهو تحايل على الربا، وبعدم صحته قال جمهور العلماء.
ثانيا: يرى المجمع أن هذا العقد غير جائز شرعا" انتهى من "مجلة المجمع" (ع 7، ج 3 ص 9).
ولا فرق في الحكم بين أن يتفقا على رد المبيع عند إحضار البائع الثمن، وبين أن يتفقا على رده بعد مائة وأربعين سنة، أو أكثر، أو أقل؛ فالبيع الصحيح لا يكون إلا مؤبدا.
والله أعلم.
تعليق