الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم القراءة من غير تحريك اللسان والشفتين في الصلاة

388121

تاريخ النشر : 15-06-2022

المشاهدات : 38050

السؤال

أحس بألم عند التحدث وعند تحريك الشفتين، وأظن أنه التهاب في الحبال الصوتية، فهل يجوز لي الصلاة بدون تحريك الشفتين، والتدبر بأقوال الصلاة في قلبي؟

الحمد لله.

أولا:

تحريك اللسان بالقراءة في الصلاة السرية

الواجب في النطق بالتكبير والقراءة وسائر الأذكار أن يحرك الإنسان لسانه وشفتيه على الأقل؛ لأنه بدون ذلك لا يحصل الكلام، وإنما يكون تفكرا وحديث نفس، كما دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم قال:  إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعمَلُوا بِهِ  رواه البخاري (2528)، ومسلم (127)، فميز بين حديث النفس والكلام.

وقد اشترط الجمهور مع ذلك سماع الإنسان صوت نفسه.

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجزئ أن يحرك لسانه ويخرج الحروف دون صوت، وهو مذهب المالكية، والحنفية في قول، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

قال الزيلعي رحمه الله: " اختلفوا في حد الجهر والإخفاء فقال الهندواني: الجهر أن يُسمع غيره ، والمخافتة أن يُسمع نفسه.

وقال الكرخي: الجهر أن يسمع نفسه، والمخافتة تصحيح الحروف؛ لأن القراءة فعل اللسان دون الصماخ.

والأول أصح؛ لأن مجرد حركة اللسان لا تسمى قراءة بدون الصوت.

وعلى هذا الخلاف: كل ما يتعلق بالنطق، كالتسمية على الذبيحة، ووجوب السجدة بالتلاوة، والعتاق والطلاق والاستثناء" انتهى من "تبيين الحقائق" (1/127).

وقال ابن ناجي في "شرح الرسالة" (1/160): " (والقراءة التي يُسر بها في الصلوات كلها: هي بتحريك اللسان بالتكلم بالقرآن، وأما الجهر فأن يُسمع نفسه ومن يليه إن كان وحده).

اعلم أن أدنى السر أن يحرك لسانه بالقرآن، وأعلاه أن يسمع نفسه فقط، فمن قرأ في قلبه فكالعدم، ولذلك يجوز للجنب أن يقرأ في قلبه. وأدنى الجهر أن يسمع نفسه ومن يليه، وأعلاه لا حد له" انتهى.

وقال الحطاب في "مواهب الجليل" (1/3179) : "قال في التوضيح في قول ابن الحاجب في كتاب الصلاة : ولا يجوز إسرار من غير حركة لسان ; لأنه إذا لم يحرك لسانه لم يقرأ، وإنما فكر , وانظر هل يجوز للجنب ذلك ؟ انتهى .

قلت: نقل البرزلي في مسائل الأيمان عن أبي عمران: الإجماع على أن القراءة بالقلب لا يحنث بها، ووقع الإجماع على أن للجنب أن يقرأ ولا يحرك لسانه, انتهى" انتهى.

وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/ 256): " وأدنى الإسرار أن يُسمع نفسه، إذا كان صحيح السمع ولا عارض عنده من لغط وغيره.

وهذا عام في القراءة والتكبير والتسبيح في الركوع وغيره والتشهد والسلام والدعاء، سواء واجبها ونفلها؛ لا يحسب شيء منها حتى يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع ولا عارض. فإن لم يكن كذلك رفع بحيث يسمع لو كان كذلك، لا يجزيه غير ذلك , هكذا نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب " انتهى.

وقال في "الأذكار" ص35: " اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها، واجبة كانت أو مستحبة، لا يحسب شيء منها ولا يعتد به حتى يتلفظ به بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع لا عارض له " انتهى.

وقال المرادوي رحمه الله في "الإنصاف" (2/44): " قوله (وبالقراءة بقدر ما يسمع نفسه) يعني أنه يجب على المصلي أن يجهر بالقراءة في صلاة السر، وفي التكبير وما في معناه، بقدر ما يسمع نفسه . وهذا المذهب، وعليه الأصحاب. وقطع به أكثرهم.

واختار الشيخ تقي الدين الاكتفاء بالإتيان بالحروف، وإن لم يسمعها، وذكره وجها في المذهب. قلت: والنفس تميل إليه.

واعتبر بعض الأصحاب سماع مَن بُقربه. قال في الفروع: ويتوجه مثله في كل ما يتعلق بالنطق كطلاق وغيره. قلت: وهو الصواب.

تنبيه: مراده بقوله " بقدر ما يسمع نفسه " إن لم يكن ثم مانع، كطرش أو أصوات يسمعها تمنعه من سماع نفسه، فإن كان ثم مانع أتى به، بحيث يحصل السماع مع عدم المعارض " انتهى.

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " كونه ينوي بقلبه، ويذكر بقلبه، ولا يتكلم بلسانه، ما يسمى قارئاً، ولا يسمى داعيا، ولا يسمى ذاكرا، فهذا ذكر بالقلب، يسمى ذكر القلب، لكن المأمور في الصلاة أن تقرأ كما أمرك الرسول -صلى الله عليه وسلم- تقرأ، وكذلك المأمور في الدعاء أن تدعو، ولا تسمى داعياً، ولا قارئاً إلا إذا تلفظت ...

الذكر أنواع ثلاثة، ذكر القلب، وذكر اللسان، وذكر العمل. فإذا ذكر بقلبه من الله خوف، وتعظيم، وتتذكر، عظمته، وخوفه، ورجاءه، والشوق إليه -سبحانه وتعالى-، ومحبته هذا ذكر في القلب، وذكر اللسان سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والحوقلة، وذكر العمل كونه يصلي، ويصوم، ويتصدق يرجو ثواب الله، هذا ذكر بالعمل مع القلب" انتهى من "فتاوى ابن باز":

 

ثانيا:

التهاب الأحبال الصوتية لا يمنع تحريك اللسان

التهاب الأحبال الصوتية، أو التهاب الحلق أيضا: لا يمنع من تحريك اللسان والشفتين دون صوت، ولا نتصور أنك ممتنع عن الكلام مع الناس، وتتعامل معهم بالإشارة.

فاحرص على تحريك اللسان والشفتين، لتصح صلاتك، وبادر بالعلاج لتتمكن من إخراج الصوت، فقد علمت أن هذا واجب عند الجمهور؛ وتعوذ بالله من وساوس الشيطان، وكسل النفس الأمارة بالسوء.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب