الحمد لله.
أولا:
نسأل الله أن يرحم المتوفاة ويغفر لها ويرفع درجتها في عليين.
وما أعطته لزوجها من ذهب أو مال –ولم تقصد به التبرع بل طالبت به في حياتها- فهو دين على زوجها.
فإذا ماتت، فلأولادها مطالبة أبيهم بهذا الدين.
ولا يلزم الأب أن يعطيهم جزءا من البيت مقابل الدين، لأن هذا بيع ولا يكون إلا بالتراضي، وقد أباه في حياتها.
وإنما يلزمه رد الذهب أخذه منها، ذهبا، ورد النقود التي أخذها.
ثانيا:
ما ساهم به الأبناء في بناء البيت فيه تفصيل:
1-فإن كانوا دفعوا المال لأبيهم صلة وبرا، دون مشاركته أو نية الرجوع عليه ومطالبته، فليس لهم مطالبته به الآن؛ لأن الرجوع في الهبة محرم.
2-وإن دفعوا المال على أن يكونوا شراء في المنزل، فهم شركاء بقدر ما دفعوا.
3-وإن دفعوا المال بنية أن يعودوا فيطالبوا به، فلهم ذلك، وأمر نيتهم إلى الله.
ويجب أن يراعي الأبناء حق أبيهم وبره، ولا يحملهم أمر زواجه على التعنت معه في المطالبة، وزواج الوالد حاجة طبيعية وشرعية، وليس ذلك مما يضرهم، أو يمس أمر أمهم؛ خاصة وقد توفيت!!
وكيفما كان الأمر فالأب له حق عظيم، حتى منع بعض الفقهاء من مطالبة الابن لأبيه بالدين.
قال ابن قدامة - رحمه الله -: " وليس للولد مطالبة أبيه بدين عليه، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: له ذلك؛ لأنه دين ثابت، فجازت المطالبة به، كغيره" انتهى من "المغني"(5/395).
وفي "الموسوعة الفقهية الكويتية" (4/79): " ولو استقرض الأب من ولده، فإن للولد مطالبته، عند غير الحنابلة، لأنه دين ثابت، فجازت المطالبة به كغيره، وقال الحنابلة: لا يطالب، لحديث (أنت ومالك لأبيك)" انتهى.
انظر تخريجه ومعناه في جواب السؤال رقم: (9594 ).
وقد ألَّف عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية الشيخ عبد الله بن محمد آل خنين حفظه الله رسالة في هذه المسألة أسماها" دعوى الولد على والده في الفقه الإسلامي "، وقد حرر فيها مذهب الحنابلة، وأثبت أن معنى عدم مطالبة الابن أباه في ديْنه: إنما هو منع التنفيذ عليه، لا مجرد المخاصمة، وإثبات حقه عند القاضي.
وقال: " ويظهر من مذهب الحنابلة جواز مخاصمة الولد أباه في الدين، وإثباته في ذمته" انتهى.
وقد ذكر حفظه الله مسألة حبس الوالد بديْن ولده، وذكر الخلاف فيها ثم ختمها بقوله: " والأظهر قول الجمهور، فلا يسجن والد - من أب أو أم - بدين ولد، لما استدلوا به " انتهى من " دعوى الولد على والده والتنفيذ عليه في الفقه الإسلامي " (ص 38 - 40)، " مجلة العدل "، العدد (31)، رجب 1427هـ.
والله أعلم.
تعليق