الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

ما حكم الاستفادة من محتويات مرئية لغير المسلمين قد يتخللها بعض العبارات الكفرية؟

388753

تاريخ النشر : 08-11-2022

المشاهدات : 1966

السؤال

هل يمكنني مشاهدة فيديوهات ليوتيوبرز يقدمون فائدة كبيرة في مختلف المجالات، ولكن المشكلة هي بما أنّهم كفّار فقد تصدر عنهم كلمات كفرية أو مخالفة للشرع، فهل يمكنني مشاهدة هذه الفيديوهات، والاستفادة من محتواها الحلال، مع العلم إنّني أمرّر اللحظات التي يقال فيها الكلمات المخالفة للشرع أي لا أشاهد، ولا أسمع تلك اللحظات، مع العلم إنّهم لا يقولون شيئا قد يزعزع إيماني، وإنما كلام يستطيع حتى الصغير دفع شبهته؟

الجواب

الحمد لله.

الواجب على المسلم أن يفارق المجالس التي يستهان فيها بحرمات الله تعالى ولا يعود إليها إلا إذا أقلعوا عن هذه المنكرات العظيمة.

قال الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ الأنعام/68.

قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:

"هذا النهي والتحريم، لمن جلس معهم، ولم يستعمل تقوى الله، بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم، أو يسكت عنهم، وعن الإنكار، فإن استعمل تقوى الله تعالى، بأن كان يأمرهم بالخير، وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم، فيترتب على ذلك زوال الشر أو تخفيفه، فهذا ليس عليه حرج ولا إثم، ولهذا قال:

(وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي: ولكن ليذكرهم، ويعظهم، لعلهم يتقون الله تعالى" انتهى من"تفسير السعدي" (ص 260).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

"ولا يجوز لأحد أن يحضر مجالس المنكر باختياره، لغير ضرورة، كما في الحديث أنه قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر )، ورفع لعمر بن عبد العزيز قوم يشربون الخمر فأمر بجلدهم، فقيل له: إن فيهم صائما . فقال: ابدءوا به، أما سمعتم الله يقول : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ).

بيّن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن الله جعل حاضر المنكر كفاعله " انتهى من" مجموع الفتاوى " (28/ 221-222) .

فعلى ما سبق، نقول: لا يجوز مشاهدة هذه المحتويات من غير استنكار.

لكن من يشاهدها لحاجة مشروعة، ويتقي سماع هذه الكفريات بتجاوزها اتباعا لشرط الآية: حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ، فلا حرج عليه في هذه الحال؛ بشرط أن تكون حاجته إلى أصل الدخول في هذه القنوات معتبرة، وألا يمكنه أن يحصل هذه الفائدة المعتبرة من وجه آخر مباح، خال من هذه المنكرات الكفرية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

"ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التي يشهد فيها المنكرات ولا يمكنه الإنكار؛ إلا لموجب شرعي: مثل أن يكون هناك أمر يحتاج إليه لمصلحة دينه أو دنياه لا بد فيه من حضوره أو يكون مكرها.

فأما حضوره لمجرد الفرجة وإحضار امرأته تشاهد ذلك فهذا مما يقدح في عدالته ومروءته إذا أصر عليه. والله أعلم " انتهى من"مجموع الفتاوى" (28/239).

فالحاصل : أنه لا يجوز مشاهدة تلك المقاطع إلا إذا كنت في حاجة معتبرة إلى ما فيها من فائدة، ولم يمكنك تحصيل هذه الفائدة من غيرها؛ مع تجنب مشاهدة أو استماع ما فيها من معصية الله تعالى.

وللفائدة تحسن مطالعة جواب السؤال رقم: (149104).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب