الخميس 23 شوّال 1445 - 2 مايو 2024
العربية

حكم رفع الصوت ودفع الوالد باليد والقدم لصده عن الضرب

389152

تاريخ النشر : 08-03-2023

المشاهدات : 3736

السؤال

منذ بضعة أيام، سبني أبي، وعندما ارتفع صوتي قليلاً بغضب؛ كي أسأله ألا يقول لي هذه المسبات بكل احترام، ضربني بشدة، ثم دفعته عني بقدمي ويدي؛ لأنه كان يبرحني ضرباً، ثم جاء يضربني مرةً أخرى بقوة أكبر عندما دفعته، فدفعته عني مرة أخرى بقوة أكبر، ثم جاء يضرب مرةً أخرى، والدتي الآن تقول لي: إن والدي غير راضٍ عني، ولكن ليس هناك سبب لعدم رضاه عني، إنني مطيعة جداً فيما يأمرني به، لا اعترض على أي شيء مهما يكن ما يطلبه مني، فإذا منعني أن أذهب إلى مكانٍ معين، أو أي شيء، أقول نعم فقط، كذلك مع والدتي، إنني أساعدهم بقدر المستطاع، من حيث إنني أساعدهم في تنظيف البيت، وفي طبخ الأكل، وأي شيء صغير مهما كان، وفي بعض الأحيان قد أتأخر في فعل المطلوب، ولكن في نهاية اليوم أنفذه عندما أستطيع. فهل عدم رضاه عني بسبب أنني دفعته بعيداً عني جائز في الشرع؟

الجواب

الحمد لله.

قد أمر الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما، وقرن ذلك بتوحيده وعبادته، وحرم إيذاءهما ولو بكلمة أف، كما قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء/23، 24.

قال القرطبي في تفسيره (10/ 243): " قوله تعالى: (ولا تنهرهما) النهر: الزجر والغلظة. وقل لهما قولا كريما؛ أي: لينا لطيفا، مثل: يا أبتاه ويا أماه" انتهى.

وإذا أخطأ الأب وسب ولده بغير حق، لم يجز للولد أن يرفع صوته، ولا أن يحد النظر إليه، ولا أن يعبس بوجهه، فإن ذلك من العقوق الذي لا يحل مع الأب والأم، وإنما يصبر ويسكت.

وله أن يعاتب والده عند سكون غضبه؛ فالإنكار على الوالدين ليس كالإنكار على غيرها، والإنسان لو سبه أخوه أو صديقه: لا يلام إن غضب ورفع صوته معلنا إنكاره للسب، لكن هذا لا يصلح مع الوالدين.

قال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/449): " قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف، وينهاهما عن المنكر.

وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه، يُعلمه بغير عنف ولا إساءة، ولا يُغلِظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي" انتهى.

فإن ضرب ولده بشدة، انصرف عنه بقدر استطاعته، وفر من أمامه، وحرُم أن يقابل الضرب بمثله، وفرقٌ بين أن يتقي الإنسان الضرب، كأن يضع يده على وجهه ورأسه، وبين أن يدفع بيده.

وأما الدفع بالقدم؛ فلا نتصوره إلا ضربا، وهذا والله المنكر العظيم، فكيف تسألين عن مثل هذا؟ وكيف تشُكِّين في حرمته؟ وإن هذا لو فعله الرجل مع أبيه لكان غاية في السوء؛ فكيف تفعله الفتاة؟!

وتعجبين أن يغضب عليك، وألا يرضى عنك؟!

إن مجرد رفع الصوت عليه كفيل بغضبه، فكيف بالدفع بالقدم؟!

نسأل الله أن يعفو ويتجاوز عنك.

وإنه لحري بك أن تبادري إلى التوبة والندم والاعتذار إلى والدك، وطلب العفو منه، فإن لم يرض فوسطي من يشفع لك عنده، واحذري التجاهل والتمادي في الخطأ فإن حق الوالد عظيم.

وقد روى أحمد (21765)، والترمذي (1900)، وابن ماجه (2089) عن أبي الدرداء قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوْ احْفَظْهُ) والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".

وروى الترمذي (1899) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ).

نسأل الله أن يتوب عليك، وأن يصلح حالك وأهلك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب