الحمد لله.
أولا :
دلت السنة على أن من أراد أن ينبه الإمام لسهو في الصلاة: فإنه يسبح إن كان رجلا ، وتصفق إن كانت امرأة .
روى البخاري (684)، ومسلم (421) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ .
قال الصنعاني في "سبل السلام" (1/482) : "وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ لِمَنْ نَابَهُ فِي الصَّلَاةِ أَمْرٌ مِنْ الْأُمُورِ ؛ كَأَنْ يُرِيدَ تَنْبِيهَ الْإِمَامِ عَلَى أَمْرٍ سَهَا عَنْهُ ، وَتَنْبِيهَ الْمَارِّ ، أَوْ مَنْ يُرِيدُ مِنْهُ أَمْرًا ، وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ يُصَلِّي فَيُنَبِّهُهُ عَلَى أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ ، فَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي رَجُلًا قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُصَلِّيَةُ امْرَأَةً نَبَّهَتْ بِالتَّصْفِيقِ" انتهى .
وقال الرافعي في "فتح العزيز" (4/56) : " إذا أراد تنبيه الإمام على سهوه: فالسنة له أن يسبح إن كان رجلا ، وأن تصفق إن كانت امرأة" انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "ما المشروع في تنبيه الإمام إذا سها في صلاته؟
فأجاب: "المشروع في تنبيه الإمام أن يسبح من وراءه بالنسبة للرجل، والتصفيق بالنسبة للنساء؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال، ولتصفق النساء) انتهى، "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (14/50) .
ثانيا :
أما تنبيه الإمام بغمزه، فإذا كان المأموم يقف إلى جوار الإمام، وكان معلوما أن الإمام لا يتأذى من ذلك: فلا حرج فيه، وهي حركة يسيرة يعفى عنها، وربما اختار الإمام ذلك، وآثره على الفتح عليه إذا أخطأ في القراءة.
ويشهد لجواز ذلك: ما روى مسلم (763) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، فَقُلْتُ لَهَا: إِذَا قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَيْقِظِينِي، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَجَعَلَنِي مِنْ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي، قَالَ: فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ احْتَبَى حَتَّى إِنِّي لَأَسْمَعُ نَفَسَهُ رَاقِدًا، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ".
ورواه البخاري (1189) بلفظ: "فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ بِأُذُنِي اليُمْنَى يَفْتِلُهَا بِيَدِهِ".
وبوب عليه البخاري: "بَابُ اسْتِعَانَةِ اليَدِ فِي الصَّلاَةِ، إِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الصَّلاَةِ".
قال ابن رجب في "فتح الباري" (9/286): "فتبين بهذه الرواية: أن أخذ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأذن ابن عباس في الصلاة، إنما كان عند نعاسه، إيقاظا له.
وكذلك خرجه أبو داود والنسائي من رواية سعيد بن أبي هلال، عن مخرمة، وفي حديثة: "فقمت إلى جنبه، عن يساره، فجعلني عن يمينه، ووضع يده على رأسي، وجعل يمسح أذني، كأنه يوقظني".
فالتنبيه بغمز الإمام لا حرج فيه إذا كان المأموم قريبا من الإمام، بشرط أن يعلم أن الإمام لا يتأذى بذلك.
وأما دفع الإمام فلعل مراد السائل وضع يده عليه أو غمزه.
وأما دفعه فهذا أذى وسوء أدب لا يتصور أن يقوم به المأموم لتذكير أو غيره.
وإذا كان إمام جماعة، والمأمومون خلفه: لم يشرع ذلك؛ لأن العادة أن الإمام لا يفهم المراد بذلك، وهو في تلك الحال، ولا يعلم من الفاعل؛ ويحصل فيها تشويش على الإمام في صلاته، وأذى، وربما أغضبه ذلك، وأثار حفيظته. وفي ذلك مفسدة لا تخفى. ثم هو مخالف لأدب السنة، وتعليم النبي صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك.
والله أعلم.
تعليق