الحمد لله.
أولا:
لا يجوز إكراه الفتاة على الزواج من شخص لا تريده، ولا يصح النكاح مع الإكراه؛ إلا أن تجيز النكاح وترضى به بعد ذلك.
فعن بُرَيْدَةَ بن الحصيب قال: "جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ : إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ.
فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا.
فَقَالَتْ : قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ إِلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ".
رواه ابن ماجه (1874)، وصححه البوصيري في مصباح الزجاجة (2/102) ، وكذا قال الشيخ مقبل الوادعي: " صحيح على شرط مسلم "، انتهى من "الصحيح المسند" (صـ 160).
وفي حال لم تجز المرأة هذا النكاح، فإنه يكون فاسداً، وعليها أن تخبر من عُقد له عليها بذلك، وليس له أن يجبرها على الجماع والمعاشرة، وليس لها أن تمكنه من ذلك ما دامت غير راضية بهذا الزواج .
ثانيا:
ما ذكرناه هو الراجح، ومن الفقهاء من يجيز إجبار البكر على النكاح من شخص يراه الولي مناسبا.
والأم قد تكون معذورة فيما فعلت، وتظن أنها تفعل ما يجلب السعادة لابنتها، وهي مخطئة بذلك.
ثالثا:
لا إثم عليك ولا ملامة في كونك لم تتزوجي من الخاطب الأول، فإنّ فسخ الخطبة يجوز لغير سبب.
ولا تبعة عليك في كونه مرض أو تعب، أو ظن أنك خنتِه، فإن فسخ الخطبة لا يعتبر خيانة، وهو جائز كما قدمنا.
فعليك أن تنسي هذا الأمر، ولا تفكري في الاعتذار له أو الاتصال به، فهذا من وسوسة الشيطان وخطواته التي أمرنا ألا نتبعها، وحدوث هذا من المرأة المتزوجة أمر قبيح معيب.
قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/21.
والنصيحة أن تنشغلي بما ينفعك، وأن تعتني بزوجك الحالي، وأولادك، وتجعلي سعادتهم، ما أمكنك، وسعادتك بهم: مشروع حياتك؛ وألا تأسي على ما فاتك، فإنك لا تدرين فربما كان شرا صرفه الله عنك.
قال تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) الحديد/ 22، 23.
والله أعلم.
تعليق