الحمد لله.
مما لا شك فيه أن على الزوج أن يدفع من يعتدي على زوجته ويدفعه عنها، كما سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (228854).
لكن الذي يجب التنبه إليه، هو أن الشرع جاء بتحصيل المصالح وتقليل المفاسد قدر المستطاع، فيوازن المسلم في أفعاله بين هذين الأصلين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وتمام "الورع" أن يعلم الإنسان خير الخيرين وشر الشرين، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات ويفعل محرمات".
انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/512).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" وليعلم العاقل أنّ العقل والشرع يوجبان تحصيل المصالح وتكميلها وإعدام المفاسد وتقليلها. فإذا عرض للعاقل أمر يرى فيه مصلحةً ومفسدة وجب عليه أمران: أمر علمى، وأمر عملي. فالعلميّ طلبُ معرفة الراجح من طرفَي المصلحة والمفسدة، فإذا تبيّن له الرجحان وجب عليه إيثار الأصلح له " انتهى من "الداء والدواء" (ص491).
ولا شك أن عند الموازنة بين المصالح والمفاسد فيما عزم على فعله هذا الأخ، فسنجده أنه مفسدة لا مصلحة فيها؛ لأن تحقيق مصلحة حفظ العرض لا يستوجب في هذه المسألة القتل وقطع الرحم وتعريض النفس للسجن وضياع الأسرة.
فحفظ الزوجة بحمد الله تعالى يمكن تحقيقه بطرق عدة، وأول خطوة: هو أن يسارع الزوج في تغيير رقم هاتف زوجته حتى يمنع أخاه من الاتصال بها، ويأمرها بأن لا تفتح الباب لأخيه في غيابه، وتحتجب عنه ولا ترد على اتصالاته ولا تطالع رسائله، وطالع لأهمية جواب السؤال رقم: (129302).
وأما الخطوة الثانية، وهي الأهم : فهي أن يجتهد في الانتقال من هذا المنزل إلى منزل بعيد عن أخيه، أو أن يجتهد في تغيير وظيفته إلى وظيفة نهارية.
فإن كان تغيير مكان السكن يستوجب وقتا، أو ترتيبات لا يمكنه التعجيل بها: فالذي ننصح به ألا يترك زوجته بمفردها في المنزل عند غيابه، بل يترك معها أحدا من أهله، أو أهلها، ليمكنه الدفع عنها، إذا سول الشيطان لأخيه أن يعتدي عليها، أو أن يدخل عليها بيتها، وليصرف عنها أذاه، متى علم بوجود من يرافقها ويحرسها.
وبكل حال، فإن أهم خطوة يتخذها الزوج، ألا يدع فرصة، ولو باحتمال ضعيف، لوصول أخيه إلى امرأته، وهذا يستوجب منه أن ينتقل عن السكن مع أخيه في منزل واحد.
وأما ما عزم عليه من قتل أخيه، فهو مفسدة عظيمة، وليحمد الله أنه لم يتمكن من الاعتداء على زوجته، لكن عليه أن يسد كل باب إلى تلك الفاحشة، وأن ينأى بنفسه وأهل بيته عن الفتن.
والله أعلم.
تعليق