الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

هل يجوز للمرأة حلق شعرها تضامنآ مع امها المريضة بالسرطان؟

394450

تاريخ النشر : 24-10-2022

المشاهدات : 5387

السؤال

أختي أو أمي إذا كانوا مرضى سرطان، هل يجوز لي حلق شعري تضامنا معهم؟

الحمد لله.

النهي عن حلق المرأة شعرها

روى الترمذي (914)، والنسائي (5049): عن مُحَمَّد بْن مُوسَى الحرشِيّ الْبَصْرِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حدثنا هَمَّام، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَحْلِقَ المَرْأَةُ رَأْسَهَا".

وقال الترمذي رحمه الله تعالى:

" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ خِلاَسٍ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ.

حَدِيثُ عَلِيٍّ فِيهِ اضْطِرَابٌ. وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تَحْلِقَ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا " انتهى.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"ورواته موثقون؛ إلا أنه اختلف في وصله وإرساله، وأخرجه البزار وابن عدي من حديث عائشة، وفيه معلى بن عبد الرحمن، وهو ضعيف، ورواه البزار أيضا من حديث عثمان وإسناده ضعيف" انتهى من "الدراية" (2/32).

والحديث وإن كان ضعيفا ، إلا أن الحلق من خصائص الرجال، ولذا في الحج والعمرة فُرِّق بين الرجال والنساء في نسك الحلق، فجاء ترغيب الرجال في الحلق، وأمرت النساء بالتقصير فقط.

روى أبو داود (1985) عَنْ ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ الْحَلْقُ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"إسناده حسن . وقواه أبو حاتم في "العلل"، والبخاري في "التاريخ" انتهى من "التلخيص الحبير" (4 / 1622).

وقال ابن المنذر رحمه الله تعالى:

" وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس على النساء حلق، إنما عليهن التقصير).

وأجمع أهل العلم على القول به في محفوظ ذلك عن ابن عمر، وعطاء، وعمرة، وحفصة بنت سيرين، وعطاء الخرساني، ومالك، والثوري، وسائر أهل الكوفة من أصحاب الرأي، وغيرهم، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وسائر أهل العلم.

ورأت جماعة: أن حلقها رأسها من المثلة [أي : من تشويه الخلقة، وتغيير خلق الله]" انتهى. "الإشراف" (3/359).

حلق المرأة لشعرها فيه تشبه بالرجال

والمرأة منهية عن التشبه بما اختص به الرجال من الهيئة.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ" رواه البخاري (5885).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" قال الطبري المعنى لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس. قلت: وكذا في الكلام والمشي" انتهى من"فتح الباري" (10/ 332).

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" وأما كون حلق المرأة رأسها تشبها بالرجال، فهو واضح، ولا شك أن الحالقة رأسها متشبهة بالرجال؛ لأن الحلق من صفاتهم الخاصة بهم دون الإناث عادة. وقد قدمنا الحديث الصحيح في لعن المتشبهات من النساء بالرجال في سورة "بني إسرائيل" في الكلام على قوله تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) وأما كون حلق رأس المرأة مثلة، فواضح؛ لأن شعر رأسها من أحسن أنواع جمالها وحلقه تقبيح لها وتشويه لخلقتها، كما يدركه الحس السليم..." انتهى من "أضواء البيان" (5 /649–650).

فلا يجوز للمرأة أن تحلق شعر رأسها إلا لحاجة ماسة كالحاجة للعلاج.

سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":

" ما حكم حلق المرأة رأسها وحواجبها؟

الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:

لا يجوز للمرأة أن تحلق إلا من ضرورة لما روى الترمذي والنسائي عن علي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها )، ولما رواه الخلال بإسناده عن قتادة عن عكرمة قال: ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها )، وقال الحسن: "هي مثلة"، وقال الأثرم: " سمعت أبا عبد الله [يعني : الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله] يسأل عن المرأة تعجز عن شعرها وعن معالجته أتأخذ على حديث ميمونة ؟ قال: لأي شيء تأخذه؟ قيل له: " لا تقدر على الدهن وما يصلحه وتقع فيه الدواب، قال: إن كان لضرورة فأرجو ألا يكون به بأس "...

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ عبد الله بن منيع ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (5/ 179-180).

حلق المرأة لشعر رأسها تضامنا مع مريضة السرطان

وحلق المرأة شعر رأسها تضامنا مع مريضة السرطان ، لا معنى له؛ وإنما ابتدع أمثال هذه البدع الكفار، ومن تبعهم على ذلك، ولا يعدو هذا الفعل عن التشبه بهم؛ وإلا، فهل إذا مرضت بمرض جلدي، مثلا، هل يشرع أن يفعل من حولها مثالها، ليشاركوها في مرضها؟ أو فقدت عضوا منها، هل يشرع لمن حولها أن يبتروا ذلك؟! هذا من قلة العقل، وضعف الدين، والتتابع في البدع وأفعال المشركين.

وإنما المشروع في "التضامن" معها، أن من حولها يعينوها على أمرها، ويقضوا لها حاجاتها، ثم يذكروها بالصبر على المصاب، والرضا بأقدار الله، واحتساب أجر ذلك المصاب عند الله رب العالمين، وأن الله جل جلاله يبتلي العبد ليختبر إيمانه وصبره؛ فمن رضي، فله الرضا، ومن سخط فله السخط. وذكر ما أعد لله للصابرين من الجزاء بالحسنى، ونحو ذلك من المعاني النافعة، التي هي تضامن مع المريض حقا؛ وإلا، فما فائدة المريض بالسرطان، إذا تساقط شعر رأسه، من أن يحلق من حوله رؤوسهم لأجل ذلك؟!

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب