الحمد لله.
من أصيب في عقله فإن وليه في ماله يحفظ له ماله وينفق عليه منه ، وعلى من تلزمه نفقته، كأن يكون له أولاد يحتاجون للنفقة، وكذلك يخرج الزكاة من ماله.
والولاية في المال تكون لأبيه، ثم لوصي الأب، ثم للقاضي.
فإن لم يكن أب ولا وصي، فإنكم ترجعون إلى القاضي الشرعي ليعين وليا على ماله.
ومن جملة نفقته: أن يستأجر له من ينظفه ويقوم على خدمته، ما دام محتاجا لذلك.
فإن كان القاضي عينك للقيام عليها، فإما أن تستأجروا من يقوم بهذه الأعمال، وإما أن تقومي بذلك مع أولادك، وتأخذون أجرة المثل، ولا يحل لكم الزيادة على أجرة المثل، كما لا يحل صرف شيء من مالها في الصدقة.
وتقدير أجرة المثل: أن ينظر، لو استأجرنا من يقوم عليها ويخدمها من غيركم، كم تأخذ الأجيرة في العادة ؟ فهذه أجرة المثل.
وفي "الموسوعة الفقهية" (45/162): " لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: لا ضرر ولا ضرار.
وقد فرعوا على ذلك: أن ما لا حظ للمحجور فيه، كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق، والمحاباة في المعاوضة: لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به، من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به، أو ما زاد في النفقة على المعروف، أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض؛ فكان ضررا محضا ...
ولا خلاف بين الفقهاء في أن على الولي الإنفاق من ماله على موليه، وعلى من تلزمه مؤنته بالمعروف، من غير إسراف ولا تقتير، لقوله تعالى: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما.
وزاد الشافعية والحنابلة: فإن قَتَّر أثم، وإن أسرف أثم ، وضمن لتفريطه" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:" امرأة كبيرة في السن تسكن عند إحدى بناتها، وهذه المرأة عندها مال، والآن هي ليست جيدة العقل، ومعتادة قبل أن يكون عقلها بهذا الشكل أن تعطي أطفال بناتها في رمضان أو في العيد، وكذلك تطعم في رمضان، والآن تقوم البنت بما كانت تقوم به الأم في السابق، والناس أنكروا عليها قالوا: ما يجوز أن تفعلي هذا الشيء، فما رأي سماحتكم؟
فأجاب: نعم .. الصحيح الإنكار، أنه ينكر على البنت أن تتصرف بشيء من مال أمها الآن؛ لأن أمها لما كانت عاقلة فالأمر بيدها، فلما اختل عقلها صار لا بد لها من ولي.
ولهذا نقول: لا تتصرف في شيء من مالها إلا بعد أخذ ولاية من المحكمة، فالواجب عليها الآن أن تذهب إلى المحكمة وتبلغ القاضي بالواقع، وتطلب الولاية على أمها.
السائل: هل يحق للولي عمل نفس العمل؟
الشيخ: إذا صار ولياً فإنه لا يتصرف في مالها إلا فيما هو لازم، أما التبرع فلا يتصرف فيه بشيء" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (13/18).
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: "عندي الوالِد فاقد الذاكرة من أربع وعشرين سنة، الوالدة تتصرف براتبه، وتتصدق من الراتب؟
فأجاب: الوالِد إذا كان فاقد للذاكرة: تذهبون إلى المحكمة وتُقيم وليًا على أمواله, لابد من أن المحكمة تُقيم مَن يتولى أمواله ويَحفظها ويُخرج الزكاة مِنها والديون الذي عَليه، لابُدّ من هذا، ولا يُترَك كلٌ يُتصرَف فيها من غير بصيرة." انتهى من موقع الشيخ:
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/15555
والحاصل:
أنه ليس لك أن تتصدقي عن أختك من مالها، ولا عن الوالد رحمه الله.
ولك أن تنفقي عليها، فيما تحتاجه، من مالها، وتأخذي أجرتك على خدمتها والقيام عليها، بما لا يتجاوز أجرة المثل، فإن فضل شيء من المال الذي حدده القاضي، بعد أخذ أجرة المثل، فإنه يرد في مالها، وإن لم يكف المال الذي حدده القاضي، لنفقتها وخدمتها، فإما أن تتبرعوا بالزيادة، أو ترجعوا إلى القاضي لينظر في الأمر.
والله أعلم
تعليق