الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

ما هي طرق تنشيط النفس للقيام بأعمال البيت بنفس طيبة؟

395395

تاريخ النشر : 22-01-2023

المشاهدات : 3852

السؤال

أنا فتاة لا أحب أعمال البيت أبدا، وفي بعض الأوقات أساعد امي، وأحيانا أعود للنوم بعد الفجر، ولا أقوم لمساعدتها من أول النهار، خصوصا إذا كنت أمر بأيام أشعر فيها بالحزن، فأصبحت لا أستطيع القيام بهذه الأعمال كثيرا بسبب ألمي وحزني، فكيف أحب أعمال البيت، وأفعلها بنفس طيبة؟ وكيف أتصرف في الأيام التي أكون فيها حزينة، وليس لي طاقة، وأجد اعمال البيت تنتظرني؟

الجواب

الحمد لله.

لا شك أن نفس الإنسان تكره العمل، وخاصة المتكرر، لما جبلت عليه من حب الراحة والدعة، وسرعة تسلل الملل إليها.

لكن لصلاح حياة العبد، واستقامة أمر دينه ودنياه: لا بد أن يجاهد نفسه، ويجبرها على القيام بالنافع من الأعمال، حتى لا تذهب حياته سدى وفي غير نفع، ومن هذا تعويد الفتاة لنفسها على القيام بشؤون البيت، مساعدة لوالدتها، وتدريبا لنفسها على الحياة الزوجية التي ستقبل عليها بإذن الله تعالى.

ومن الأمور الهامة التي تساعد الفتاة على سياسة نفسها بحكمة في القيام بالأعمال المنزلية:

الأمر الأول:

أن تواظب على تذكير نفسها بالأجر العظيم الذي ستجنيه بمساعدة والدتها، وأن الذهاب إلى النوم صباحا ستفوت به هذه الأجور، فمساعدة الأم من أبواب بر الوالدين، فهو يجلب رضاها، ورضاها يجلب رضا الله تعالى، وهل في الحياة غاية يسعى إليها المسلم أكبر من رضا الله تعالى؟!

عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ رواه الترمذي (1899) وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (2/340).

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" وفي هذا الحديث: ذكر غاية البر ونهايته التي هي رضى الوالدين؛ فالإحسان موجب وسبب، والرضى أثر ومسبب. فكل ما أرضى الوالدين من جميع أنواع المعاملات العرفية، وسلوك كل طريق ووسيلة ترضيهما، فإنه داخل في البر " انتهى من "بهجة قلوب الأبرار" (ص 216).

والتذكر بأن طاعة الأم أمر شرعي، سيسأل عنه العبد يوم القيامة، فتخافين من التقصير وما يلحقه من العقاب، فيكون ذلك دافعا لك إلى المبادرة إلى مساعدة الأم لتسلمي من العقاب، وتنالي الأجر العظيم.

قال الله تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى النازعات/40 - 41.

قال الطبري رحمه الله تعالى:

" (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى) يقول: وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه، فاتقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى) يقول: ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه الله، ولا يرضاه منها، فزجرها عن ذلك، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه، (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) يقول: فإن الجنة هي مأواه ومنزله يوم القيامة " انتهى من"تفسير الطبري" (24/98).

كما ينبغي التنبه إلى أن الصبر على الطاعة أجره عظيم لا يعلمه إلا الله تعالى.

قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ الزمر/10.

فكيف يضيع العاقل كل هذه الأجور بسبب نومة لا تجلب إلا مزيدا من التثاقل والتكاسل؟!

الأمر الثاني:

عدم النوم بعد الفجر هو أمر يمكن للإنسان أن يعود نفسه عليه فيصبح طبعا لها، فإذا اجتهدت فترة من الزمن على عدم النوم بعد الفجر، فستصبح هذه عادتك وتذهب المشقة. ويساعد على هذه العادة النوم مبكرا بعد العشاء، ومجانبة السهر الطويل.

الأمر الثالث:

المحافظة على الأذكار اليومية، أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ.

روى البخاري (3113)، ومسلم (2727) عن عَلِيّ رضي الله عنه: " أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ، فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَبْيٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَلَمْ تُوَافِقْهُ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا، وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ، فَقَالَ: عَلَى مَكَانِكُمَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَالَ: أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ .

فأخذ منه بعض أهل العلم أن:

" من حافظ على هذه الكلمات لم يأخذه إعياء فيما يعانيه من شغل ومن غيره " انتهى من "الوابل الصيب" لابن القيم (ص 250).

وللفائدة تحسن مطالعة جواب السؤال رقم: (199373)، ورقم: (69960).

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب