الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

مراعاة حال المخاطب عند تحديثه ببعض الأحاديث

395824

تاريخ النشر : 19-12-2022

المشاهدات : 2025

السؤال

لي صديق قال لصديقه هل فكرت يوماً أن تضحك الله تعالى، يقصد أحاديث القيام من النوم والصلاة.. الخ، فهل يجوز قول ذلك؟ وهل ينبغي أن أنكر عليه قوله هذا أمام العوام الذين بعضهم لم يتقبل هذا الأمر؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

يؤمن أهل السنة والجماعة بصفات الله تعالى الثابتة في القرآن والسنة على الوجه اللائق به سبحانه، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.

ومن ذلك: صفة الضحك، فقد ثبتت بأحاديث كثيرة، سبق ذكر بعضها في جواب السؤال رقم: (298039).

ثانيا:

روى أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثةٌ يَضحَكُ اللهُ إليهم: الرَّجُلُ يَقومُ من اللَّيلِ، والقَومُ إذا صَفُّوا للصَّلاةِ، والقَومُ إذا صَفُّوا لِلقِتالِ).

ضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (3453)، كما ضعفه الأرناؤوط في تحقيق المسند.

غير أنه قد ثبت معناه عن عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء رضي الله عنهما من قولهما، وهو من الأمور التي لا يدخلها الاجتهاد، بل لا يعلم إلا بالتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون قول الصحابي فيها حجة.

عن ابنِ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه قال: (يضحكُ اللهُ إلى رجلَيْن ، رجلٌ لَقي العدوَّ وهو على فرسٍ من أمْثَلِ خيلِ أصحابِه فانهزموا، وثبت، فإن قُتِل استُشهِد، وإن بَقي فذاك الَّذي يضحكُ اللهُ إليه ، ورجلٌ قام في جوْفِ اللَّيلِ لا يعلمُ به أحدٌ فتوضَّأ فأسبغ الوضوءَ، ثمَّ حمِد اللهَ ومجَّده، وصلَّى على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واستفتح القرآنَ، فذاك الَّذي يضحكُ اللهُ إليه، يقولُ: انظُروا إلى عبدي قائمًا لا يراه أحدٌ غيري).

قال السخاوي في "القول البديع" (ص 264): إسناده صحيح، وحسنه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (3453).

كما ثبت نحوه أيضا من قول أبي الدرداء رضي الله عنه، ينظر السؤال رقم: (145706).

وعلى هذا، فالذي يظهر أنه لا حرج أن يقول المسلم لأخيه: هل فكرت يوما أن تضحك الله تعالى؟ ويقصد بذلك حثه على قيام الليل.

ثالثا:

ينبغي لمن أراد أن يحدث الناس بمثل هذا أن يراعي أفهامهم وإدراكهم، فليس كل الناس على درجة واحدة في ذلك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل عن يحدث الناس بحديث: (... حَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا . فقال معاذ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ: لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا) ورواه البخاري (2856)، ومسلم (30).

وروى مسلم (14) في مقدمة صحيحه أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: (مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلاَّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً).

وروى البخاري عن عَلِىٍّ رضي الله عنه قال: (حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ).

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري":

"وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (بِمَا يَعْرِفُونَ) أَيْ : يَفْهَمُونَ ، وَزَادَ آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ لَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ عَنْ مَعْرُوفٍ فِي آخِرِهِ: (وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ) أَيْ: يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ فَهْمُهُ، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يذكر عِنْد الْعَامَّة، وَمثله قَول ابن مَسْعُودٍ: (مَا أَنْتَ مُحَدِّثًا قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةٌ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ" انتهى.

فدلت هذه الأدلة على أنه لا بد من مراعاة حال المخاطبين، ومثل هذه المسائل قد يسيء العامة فهمها، فقد يفهمها بعضهم ممثلا لها بصفات المخلوقين، وقد يستنكرها بعضهم ويردها، فيكون المتحدث قد تسبب في فتنة هؤلاء.

ونحن نرى أن في ذلك القول نوعا من التكلف ، وربما تقصد الإغراب على الناس. والدعوة إلى قيام الليل وعمل ما يرضي الله: لا يحتاج ذلك. وإن رأى المرء أن في ذكر الحديث الوارد في ذلك ما يقوي عزم صاحبه، فليخبره به على وجهه؛ وأما الإغراب بقول: هل فكرت في أن تضحك الله ؟ فنخشى أن يكون من الأغلوطات التي نهينا عنها!!

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب