الحمد لله.
للمظلوم الحق أن يدعو على ظالمه.
كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ رواه البخاري (2448)، ومسلم (19).
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ رواه أبو داود (1536)، والترمذي (1905)، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ".
لكن بدعاء لا ظلم فيه ولا اعتداء.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" أما دعوة المظلوم فمعناها إذا ظلمك أحد ... فإذا دعوت الله عليه استجاب الله دعاءك، حتى ولو كان المظلوم كافرا وظلمته ثم دعا الله عليك، استجاب الله دعاءه، لا حبا للكافر ولكن حبا للعدل، لأن الله حكم عدل والمظلوم لابد أن ينصف له من الظالم، ولهذا لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له: اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ.
فالمظلوم دعوته مستجابة إذا دعا على ظالمه بمثل ما ظلمه أو أقل، أما إن تجاوز فإنه يكون معتديا فلا يستجاب له" انتهى من"شرح رياض الصالحين" (4/ 615–616).
ولذلك لا ينبغي أن تدعو عليهم بأن يصيبهم الله في أنفسهم، ولكن المشروع في حقك: أن تدعو بأن يكفيك الله شرهم وأذاهم، أو تدعو بأن يفسد الله الآلة التي يزعجونك بها ... ونحو ذلك.
لكن، مع ذلك؛ لو دعوت لهم بالهداية، لكان خيرا وأفضل، فإذا استجاب الله تعالى دعاءك حصل لك ما تريد من كف أذاهم، مع ما تناله من ثواب لكونك كنت السبب في هدايتهم.
كما أن في الدعاء له بالهداية، تعرضا لدعاء الملائكة لك.
عن أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ رواه مسلم (2732).
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:
" له من الأجر بمثل ما دعا به؛ لأنه وإن دعا لغيره فقد عمل عملين صالحين: أحدهما: ذكر الله تعالى مخلصا له، وفازعا إليه بلسانه وقلبه. والثانى: محبته الخير لأخيه المسلم ودعاؤه له، وهو عمل خير لمسلم يؤجر عليه، وقد نص فيه أنها مستجابة كما نص في الحديث " انتهى من "إكمال المعلم" (8/228).
والله أعلم.
تعليق