الحمد لله.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ رواه البخاري (10) ومسلم (40).
قال النووي رحمه الله تعالى:
" وقوله صلى الله عليه وسلم: (من سلم المسلمون من لسانه ويده)، معناه: من لم يؤذ مسلما بقول ولا فعل...
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من سلم المسلمون من لسانه ويده )، قالوا : معناه : المسلم الكامل، وليس المراد نفي أصل الإسلام عن من لم يكن بهذه الصفة، بل هذا كما يقال : العلم ما نفع، أو العالم زيد، أي: الكامل، أو المحبوب، وكما يقال: الناس العرب، والمال الإبل؛ فكله على التفضيل، لا للحصر، ويدل على ما ذكرناه من معنى الحديث، قوله: ( أي المسلمين خير قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده ) " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (2/10).
فإيذاء المسلمين ليس من خصال الإسلام؛ فيجب أن تجتنب.
فعلى هذا من مارس الرياضات القتالية بقصد إيذاء الأخ المنافس: فلا شك أنه لم يلتزم بما أرشد إليه الحديث.
وأما إن كان يمارسها ليس بقصد الإيذاء، لكن يحدث بسببها ضرر معتبر: فينهى عنها؛ لأنه يحرم الإضرار بالغير وبالنفس.
وأما إن اتخذت الاحتياطات اللازمة لمنع الضرر والأذى، فلا حرج في ممارسة هذه الرياضة، حتى وإن ترتب على ممارستها قدر من الأذى المحتمل، أو الضرر اليسير الذي يزول ولا يبقى؛ فالظاهر أن ذلك يغتفر لأجل مصلحة التقوي، والتريض، وتقوية البدن، لمن يلعبها بذلك القصد، لا في صورة الاحتراف المنكر للألعاب القتالية والضارة.
وقد يستأنس لهذا بما يذكره أهل السير وبما رواه الحاكم في "المستدرك" (2/69): عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ غِلْمَانَ الْأَنْصَارِ فِي كُلِّ عَامٍ، فَيُلْحِقُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمْ، قَالَ: فَعُرِضْتُ عَامًا، فَأَلْحَقَ غُلَامًا، وَرَدَّنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ أَلْحَقْتَهُ وَرَدَدْتَنِي وَلَوْ صَارَعْتُهُ لَصَرَعْتُهُ. قَالَ: فَصَارِعْهُ، فَصَارَعْتُهُ فَصَرَعْتُهُ فَأَلْحَقَنِي" وقال الحاكم: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ " ووافقه الذهبي.
ومعلوم أن من "يُصرع" فلا بد أن يحصل له نوع تأذٍّ، بل حتى وإن لم يصرع، فإن مجرد تجاذب الخصمين يحصل به ذلك القدر من التأذي؛ لكنه مغتفر، لا سيما مع التراضي بين الطرفين، وعدم التشاحن، وتعمد الأذى الموغر للصدور.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (219234).
والله أعلم.
تعليق