الاثنين 27 شوّال 1445 - 6 مايو 2024
العربية

اقتسموا الميراث من العقار ثم بعد سنوات ادعى أحدهم أن تثمين الخبير لم يكن دقيقًا، فهل له حق؟

397384

تاريخ النشر : 01-08-2023

المشاهدات : 2273

السؤال

أنا فتاة ابلغ من العمر ٣٠ سنة، وأبي متوفي منذ أن كان عمري ٩ سنين، الورثة لأبي كانوا: أمي، وأخي، وأنا، وجدي، ولكن جدي تنازل لنا عن نصيبه في الميراث، فأصبح الورثة في كل ممتلكات أبي هم: أنا، وأخي، وأمي، أمي أصبحت الوصية القانونية على ميراثي حتى أبلغ، وكان لدينا من ميراث أبي شقتان في الإسكندرية وطنطا، وأراد أخي أن يبيع شقة طنطا؛ لكي يكمل الماجستير بالخارج، وفي هذا الوقت كنت مازلت قاصرة، ولا يستطيع أن يبيع لأن الشقة ورثة، وأنا بصراحة لم أكن موافقة أن أبيع ،ولم أرد البيع، ولكن أخي اتفق مع أمي أن تذهب إلى المحكمة كوصية لي، وتطلب البيع في مقابل أن أخذ ما يعادل نصيبي في هذه الشقة ولكن في شقة إسكندرية، المحكمة وافقت، وعينت خبيرة؛ لكي تثمن الشقتين، وعلى قول أمي وأخي هذه الخبيرة التي عينت من قبل المحكمة كانت ما زالت جديدة، وليست لديها خبرة، ولسبب ما قيمت الشقق بثمن مختلف، أو خاطئ كما يقولون، علما أن على كلام أخي وأمي شقة إسكندرية كانت تبلغ في وقتها ٣٥٠،٠٠٠ ألف، وشقة طنطا كان ثمنها ٢٠٠،٠٠٠، ولكن الخبيرة قيمت الشقتيين بسعر آخر، وفي النهاية كان قرار المحكمة أن أخي يستطيع أن يبيع شقة طنطا في مقابل أن أخذ شقة الإسكندرية مع أمي، ونصيبها هو الثمن فقط، وأخي وقع على هذا العقد في المحكمة، ولكنه يقول لي: إنها ظلمته، وأنه وقع لأنه أراد البيع بسرعة، وأنه في نيته أنه سوف يتكلم معي، ويرجع يدخل تاني في شقة إسكندرية، سؤالي: ما هو الحق في هذه الحالة؟

الجواب

الحمد لله.

إذا وافقت أخاك على أن الخبيرة أخطأت، واقتنعت بذلك: فإنكم تعيدون قسمة الميراث بما يحصل به العدل، وتتراضون به فيما بينكم .

أما إذا لم توافقيه على قوله ، فيبقى الأمر على ما حكم به القاضي ، ويكون لأخيك شقة طنطا ، ولك ولوالدتك شقة الإسكندرية ، وذلك لما يلي :

1-أن من القواعد المقررة عند أهل العلم : "أن حكم الحاكم يقطع النزاع" ؛ بمعنى أنه يُنهي الخصومة ، ويُلزم الخصمين بالحكم الذي حكم به ، حتى ولو كان أحد الخصمين لا يزال يرى أنه هو المحق .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"حكم الحاكم يرفع الخلاف، ويقطع النزاع" انتهى من الشرح الممتع" (12/318) .

2-أن تثمين العقارات هو من الأمور الاجتهادية التي قد يكون فيها بعض التفاوت ، والقاضي إذا حكم في أمر من الأمور الاجتهادية ، فإنه ينفذ حكمه ولا ينقض .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (41/156) :

"مَا لاَ يُنْقَضُ مِنَ الأْحْكَامِ :

لاَ يُنْقَضُ مِنَ الأْحْكَامِ كُل حُكْمٍ وَافَقَ نَصًّا مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ الاِجْتِهَادُ ، فَإِذَا أَصَابَ الْقَاضِي فِي حُكْمِهِ ؛ فَالأْصْل أَنَّهُ لاَ يُنْقَضُ ، كَمَا إِذَا حَكَمَ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ الاِجْتِهَادُ كَانَ حُكْمُهُ نَافِذًا ، وَحُكْمُ غَيْرِهِ مِنَ الْقُضَاةِ بِهِ نَافِذًا ، لاَ يُتَعَقَّبُ بِفَسْخٍ وَلاَ نَقْضٍ ، لأِنَّ هَذَا الْقَضَاءَ حَصَل فِي مَوْضِعِ الاِجْتِهَادِ فَنَفَذَ ، وَلَزِمَ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَجُوزُ إِبْطَالُهُ" انتهى .

3-ليس من حق الخصم أن يظهر الرضا بما حكم به القاضي ، ثم يعود وينازع مرة أخرى، فإنه بذلك تزول فائدة القضاء ، ولا تنتهي خصومة .

قال الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/14) :

"الضَّرُورَةَ تُوجِبُ الْقَوْلَ بِلُزُومِ الْقَضَاءِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَأَنْ لَا يَجُوزَ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ نَقْضُهُ ، يَرْفَعُهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى خِلَافَ رَأْيِ الْأَوَّلِ فَيَنْقُضُهُ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ الْمُدَّعِي إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى خِلَافَ رَأْيِ الْقَاضِي الثَّانِي ، فَيَنْقُضُ نَقْضَهُ، وَيَقْضِي كَمَا قَضَى الْأَوَّلُ ، فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا تَنْدَفِعَ الْخُصُومَةُ وَالْمُنَازَعَةُ أَبَدًا، وَالْمُنَازَعَةُ سَبَبُ الْفَسَادِ، وَمَا أَدَّى إلَى الْفَسَادِ فَسَادٌ" انتهى .

وبهذا يتبين أنه لا يلزمك إعادة تقسيم الميراث مرة أخرى – إن كنت لا توافقينه على أن الخبيرة أخطأت- ، وأن الأمر يبقى على ما حكم به القاضي .

ولا نرى معنى أن يقبل الأخ بذلك الحكم، وينفذه لاستعجال ما يطلبه من المال ، ثم يأتي بعد انقضاء حاجته ، وانتفاعه بما أخذ من المال، ليقول: إنه من أول الأمر لم يكن موافقا على القسمة، وإنه كان ينوي الرجوع!!

على أننا – وبكل حال - نوصيكم بمراعاة ما بينكم من الرحم والصلة ، وألا تكون الدنيا الزائلة سببا للنزاع بينكم وقطيعة الرحم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب