الحمد لله.
لا حرج في دعاء العبد بأن تُنسى فضيحته؛ لأن هذا من الدعاء بستر العورة، وهو مشروع.
روى أبو داود (5074) عَنْ جُبَيْرِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ، حِينَ يُمْسِي، وَحِينَ يُصْبِحُ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي .
ونسيان العباد لفضيحة الإنسان ليس محالا؛ فكم من عبد عاش عيشة جاهلية، ثم تاب إلى الله تعالى وحسنت توبته، واشتهر بالخير حتى عرف به، وتناسى الناس ماضيه، وقديما قالوا من أكثر من شيء عُرف به، فمن أكثر من الطاعات مخلصا لله تعالى عُرف بها ونسيت معايبه.
ثم على العبد أن يجعل طلب رضا الله تعالى غايته، فإذا فعل هذا وتاب توبة نصوحا، فإن الله تعالى يجعل له مخرجا.
قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا الطلاق/2.
والتائب من المتقين.
فعلى العبد المخطئ أن يسارع في اصلاح نفسه ويعتني بذلك، فهذا يجلب محبة الله تعالى.
قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ البقرة/222.
وقال الله تعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ البقرة/195.
وإذا أحب الله تعالى عبدا ألقى محبته في قلوب عباده.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ .أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ رواه البخاري (7485)، ومسلم (2637).
واحذر من أن تجعل الحزن يخيم عليك، فيقعدك عن المسارعة في اصلاح نفسك والتزود من الصالحات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وقد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محمودا من تلك الجهة لا من جهة الحزن، كالحزين على مصيبة في دينه، وعلى مصائب المسلمين عموما؛ فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير وبغض الشر وتوابع ذلك...
وأما إن أفضى إلى ضعف القلب، واشتغاله به عن فعل ما أمر الله ورسوله به؛ كان مذموما عليه من تلك الجهة، وإن كان محمودا من جهة أخرى" انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/17).
والله أعلم.
تعليق