الأربعاء 27 ربيع الآخر 1446 - 30 اكتوبر 2024
العربية

هل يجوز مطالبة الوالد بنفقة السنين الماضية؟

399392

تاريخ النشر : 09-10-2024

المشاهدات : 798

السؤال

والدي بعد أن تزوج أمي وبعد أن أتممت السنة الثانية من عمري طلبت والدتي الطلاق منه لأسباب، وقال والدي: بأنه تخلى عن النفقة علي، يعني والدي من وقت ما كان عمري سنتين لم ينفق علي ريالا واحد، وأنا الآن عمري 22 سنة.
السؤال هنا:
هل نفقتي واجبة عليه من تلك اللحظة، حتى لو تكفل أحد بها، مثلاً جدي والد أمي تكفل بالنفقة علي، وتوفى رحمه الله تعالى قبل سنتين، ومن تلك اللحظة الوالد لم ينفق علي، ولا حتى يسأل عن أحوالي، ويفرق بيني وبين إخواني من زوجته الثانية في كل شيء، حتى عند الحاجة عندما أطلبه، يقول: ما عندي، وهو ينفق على زوجته الثانية، وينفق على أخواني منه، وهذا الشيء سبب ـ والعياذ بالله ـ غيرة وكرها لأخواني؛ بحجة ما الفرق بيني وبينهم؟ وهل والدي مسؤول عن النفقة علي، ومحاسب عليها؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

يجب على الأب أن ينفق على أولاده المحتاجين (الذي ليس لهم مصدر دخل) إذا كان يستطيع ذلك، وهذا بإجماع العلماء .

واذا قصر الأب في هذه النفقة فهو مسئول عنها أمام الله عز وجل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ … وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ) رواه البخاري (7138)، ومسلم (1829).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ) حسنه الألباني في “صحيح أبي داود” (1692)، ولفظ مسلم (996) : (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ).

ثانيا:

إذا ترك الأب النفقة على أولاده أو بعضهم ومضى على ذلك مدة، فإنه لا يطالب بنفقة المدة السابقة.

وإنما النفقة الواجبة التي لا تسقط بمضي المدة هي نفقة الزوجة، قال ابن قدامة رحمه الله في بيان الفرق بين نفقة الزوجة ونفقة الأقارب:

“وَفَارَقَ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ، فَإِنَّهَا صِلَةٌ يَعْتَبِرُ فِيهَا الْيَسَارُ مِنْ الْمُنْفِقِ وَالْإِعْسَارُ مِمَّنْ تَجِبُ لَهُ، وَجَبَتْ لِتَزْجِيَةِ الْحَالِ (أي : تيسير الحال) ، فَإِذَا مَضَى زَمَنُهَا اسْتَغْنَى عَنْهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِيَسَارِهِ، وَهَذِهِ [أي : نفقة الزوجة] بِخِلَافِ ذَلِكَ” انتهى، “المغني” (11/367) .

وينظر تفاصيل مهمة في ذلك، في جواب السؤال رقم: (220983).

ثالثا :

يجوز للجد أن يطالب بما أنفقه عليك بشرط أن يكون قد أنفق وفي نيته أن يطالب الأب بهذه النفقة متى تمكن من ذلك .

وقال البهوتي في “كشاف القناع” (5/563) :

“( وَنَفَقَةُ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ إذَا امْتَنَعَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ ) – قُلْتُ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ – ( فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ) ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ ، أَشْبَهَ قَضَاءَ الدَّيْنِ” انتهى .

فإن كان الجد قد صرح بأنه سيطالب بالنفقة، فلورثته المطالبة بها، وإن كان لم يصرح بذلك ، فليس لأحد أن يطالب بها، لأن الظاهر أنه فعل ذلك تبرعا.

رابعا :

يجب على الأب أن يعدل بين أولاده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ) رواه البخاري (2398)، ومسلم (3055).

والنصيحة لك أن تلتمسي العذر لإخوانك، فإن ظلمك لم يقع منهم، فلا يكن في قلبك كرهٌ لهم، لأنهم لا ذنب لهم فيما فعله والدك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب