الأربعاء 22 شوّال 1445 - 1 مايو 2024
العربية

هل يلزم الزوجة السكن في بيت أهل زوجها عند سفره ؟

399824

تاريخ النشر : 08-03-2023

المشاهدات : 11683

السؤال

رجل تزوج، وبعد زواجه بسنة سافر، واغترب في بلدة أخرى، كان الاتفاق بينه وبين زوجته أن تمكث في بيت أهلها أسبوعين، ثم تذهب لبيت عمها - والد زوجها- وتمكث أسبوعين مع أهل زوجها في حال غربته، مع العلم إن الزوج يملك سكناً مستقلاً بجوار بيت أهله، بعد ذلك اختلف الزوج مع زوجته، ورفضت الزوجة الذهاب للعيش في بيت عمها، وأيضا أهلها رفضوا ذلك، وأخبروا زوج ابنتهم أنهم يريدون منه أن يسمح لابنتهم أن تمكث عندهم حال سفره إلى أن يعود للبلد، ولا يريدون من ابنتهم أن تعيش في بيت أهل زوجها؛ لعدم وجود توافق بين الزوجة وأخت زوجها وعمتها أم زوجها، وأيضا لأن زوجها غير موجود، ومن جهة أخرى لا يريدون أن تظل ابنتهم في بيتها لوحدها خوفا عليها لصغر سنها، ولصعوبة أن يأتي شقيقها للمكوث معها، لكن الآن الزوج يرفض هذا الشيء، ويهدد بأنه إن لم تذهب زوجته للعيش مع أهله فهو لن يقوم بإرسال أية مصاريف لزوجته؛ كونها أخلت بالاتفاق الذي تم قبل سفره، وبأنه سيطلبها لبيت الطاعة، وإلا سيتزوج عليها، وسيذرها معلقة، ولن يطلقها إن لم يسترد منها ماله كله، هذا ولم يمضِ على زواجهم سوى سنة وبضعه أشهر فقط، ما رأي الشرع في هذا الموضوع؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من حق الزوجة على زوجها أن يسكنها في سكن منفرد عن أهله، ولا يلزمها السكن مع أحد منهم، ولا يلزمها خدمة أحد منه لا في حضور الزوج ولا في غيابه.

قال الكاساني رحمه الله :"وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسْكِنَهَا مع ضَرَّتِهَا، أو مع أَحْمَائِهَا كَأُمِّ الزَّوْجِ وَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ من غَيْرِهَا وَأَقَارِبِهِ، فَأَبَتْ ذلك: عليه أَنْ يُسْكِنَهَا في مَنْزِلٍ مُفْرَدٍ، لِأَنَّهُنَّ رُبَّمَا يُؤْذِينَهَا ويضررن بها في الْمُسَاكَنَةِ، وَإِبَاؤُهَا دَلِيلُ الْأَذَى وَالضَّرَرِ" انتهى من "بدائع الصنائع" (4/23).

وقال عليش ، المالكي ، رحمه الله :"ولها ، أي : الزوجة ، الامتناع من أن تسكن مع أقاربه ، أي : الزوج ؛ لتضررها باطلاعهم على أحوالها، وما تريد ستره عنهم ، وإن لم يثبت إضرارهم بها " انتهى من "منح الجليل شرح مختصر خليل" (4/395).

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (25/109):" الْجَمْعُ بَيْنَ الأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ: لاَ يَجُوزُ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنَ الأَقَارِبِ؛ وَلِذَلِكَ يَكُونُ لِلزَّوْجَةِ الاِمْتِنَاعُ عَنِ السُّكْنَى مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لأِنَّ الاِنْفِرَادَ بِمَسْكَنٍ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا حَقُّهَا، وَلَيْسَ لأحَدٍ جَبْرُهَا عَلَى ذَلِكَ.

وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ" انتهى.

ولا فرق بين حال وجود الزوج أو سفره، ما لم يكن في انفرادها بالسكن حال سفره خوف عليها، فإنها تطلب من محارمها من يكون معها، أو يُسْكِنُها عند أهلها إن لم ترغب في السكن مع أهله.

ثانيا:

ينبغي أن يُعلم أن طاعة المرأة لزوجها مقدمة على طاعتها لأهلها عند التعارض.

قال في "الإنصاف" (8/362): " لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها , ولا زيارةٍ ونحوها. بل طاعة زوجها أحق" انتهى.

فإذا أمرها زوجها بالبقاء في سكنه المستقل، وأمرها أبواها بالسكنى معهم، لزمها طاعة زوجها.

والنصيحة هنا أن يتفهم الزوج أن من حق زوجته ألا تسكن مع والديه، وأن يرضى بسكنها في بيته المستقل، ويطلب من أهل الزوجة أن يكون أحدهم معها، أو أن يسمح لها بالسكن مع أهلها إلى عودته، وينبغي عليها حينئذ أن تتفقد والديه بالزيارة بين الحين والآخر.

وعدم سكن الزوجة مع أقارب زوجها هو الأصلح في أغلب الأحوال، لا سيما عند سفر الزوج.

ونسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب