الحمد لله.
أولا :
نهنئك على رجوعك إلى مذهب أهل السنة والجماعة، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وثباتا.
ثانيا :
غسل الرجلين من فرائض الوضوء التي لا يصح الوضوء إلا بها .
روى البخاري (163)، ومسلم (241) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: " تَخَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ ( أي أخرنا العصر ) فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : (وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ) . وروى مسلم (242) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ ، فَقَالَ : ( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ )، والعقب هو مؤخر القدم.
قَالَ اِبْن خُزَيْمَةَ: لَوْ كَانَ الْمَاسِح مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ لَمَا تُوُعِّدَ بِالنَّارِ.
وقال الحافظ ابن حجر:
" وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الأَخْبَار عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَة وُضُوئِهِ أَنَّهُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَهُوَ
الْمُبَيِّن لأَمْرِ اللَّه , وَلَمْ يَثْبُت عَنْ أَحَد مِنْ الصَّحَابَة خِلَاف ذَلِكَ إِلا عَنْ عَلِيّ وَابْن عَبَّاس وَأَنَس , وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُمْ الرُّجُوع عَنْ ذَلِكَ , قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى : أَجْمَعَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَسْل الْقَدَمَيْنِ , رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور " انتهى "فتح الباري" (1/320)
وينظر السؤال رقم: (13954).
ثالثا :
الواجب عليك أن تجتهد في الإتيان بالوضوء كما أمر الله تعالى ، ومن ذلك : غسل الرجلين .
حتى ولو كنت تفعل ذلك خفية عن أهلك ، كأن تتوضأ في الحمام مثلا وضوءا كاملا، ثم تتوضأ أمامهم كما يتوضؤون.
فإن لم يمكن ذلك، وأمكنك أن تلبس الجوربين على طهارة، ثم تمسح عليهما، ولا يثير ذلك ريبتهم، ولا شكهم فيك: فهو صحيح أيضا.
فإن تعذر عليك ذلك في بعض الأوقات ، وغلب على ظنك حصول ضرر عليك، فإنك تمسح عليهما إظهارا لموافقة أهلك ، وتتيمم مع ذلك عن ترك غسل الرجلين إن تيسر لك ذلك .
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/162) وهو يبين الأعذار المبيحة للتيمم : "ويصح التيمم (لخوف ضرر باستعماله) أي: الماء (في بدنه من جرح) لقوله تعالى : {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29] ولحديث جابر في قصة صاحب الشجة . رواه أبو داود والدارقطني، وكما لو خاف من عطش أو سبع ، فإن لم يخف من استعمال الماء لزمه كالصحيح (أو) من (بردٍ شديد) لحديث عمرو بن العاص قال: «احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح فذكر ذلك للنبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قلت: ذكرت قول الله تعالى : {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29] فضحك ولم يقل شيئا» رواه أحمد وأبو داود.
(ولو) كان خوفه على نفسه من البرد (حضرا) فيتيمم دفعا للضرر كالسفر ، وليس المراد بخوفه الضرر أن يخاف التلف، بل يكفي أن (يخاف منه نَزلة أو مرضا ونحوه) كزيادة المرض، أو تطاوله، فيتيمم (بعد غسل ما يمكنه) غسله بلا ضرر…
(و) إنما يتيمم للبرد إذا (تعذر تسخينه) أي: الماء في الوقت …
ويصح التيمم ل (مرض يخشى زيادته أو تطاوله) لما تقدم، فإن لم يخف ضررا باستعمال الماء كمن به صداع أو حمى حارة أو أمكنه استعمال الماء الحار بلا ضرر لزمه ذلك ولا يتيمم لانتفاء الضرر" انتهى.
فإذا جاز التيمم بسبب الخوف من حصول نزلة برد أو زيادتها ، ففي حالتك أولى .
فإن تعذر عليك التيمم ، لخوف اطلاعهم عليك ، فإننا نرجو أن يجزئك الوضوء ، وتصح صلاتك بالمسح على الرجلين ، لأن ذلك هو ما تقدر عليه ، وقد قال الله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16.
ونرجو أن يكون لك رخصة في العمل بذلك، وهو قول قديم لبعض السلف.
وينظر جواب السؤال رقم: (341075).
على أنك إذا لم تكن قادرا على إقامة شعائر دينك على الصفة المشروعة، فالواجب عليك أن تخرج من أهلك إلى مكان تأمن فيه على نفسك، ودينك، وتقيم فيه شعائرك على الصفة المشروعة، متى ما كنت قادرا على ذلك، وعلمت مأمنا لك يمكنك بلوغه.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك.
والله أعلم.
تعليق