الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

هل صح الحديث الذي يخبر عن زمان تميت فيه الأمة الصلاة؟

400994

تاريخ النشر : 13-04-2023

المشاهدات : 8684

السؤال

رأيتُ مقطعًا لشخصٍ يقول: إنه ينقل حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان نصه كالتالي: (سيأتي زمان على أمتي تمات فيه الصلوات، ويشرف فيه البنيان، ويكثر فيه الحلف، والتلاعن، ويكثر فيه الرشى ، والزنا، وتباع الآخرة بالدنيا، فإذا رأيت ذلك فالنجى النجى) وبحثت عن صحة هذا الحديث في المواقع الموثوقة، ولم أجد أي مكانٍ يذكره إلا رجلٌ يدّعي أنه شيخ، وله من الأخطاء ما له، فأردت التأكد من ما إذا كان هذا حديثًا صحيحًا أم لا؟

الجواب

الحمد لله.

هذا الخبر رواه ابن أبي الدنيا في "العزلة" (ص 157)، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، حدثَنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، حدثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حدثنا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ عَقِيلٍ صَحِيفَةً، فَقَالَ: هَذِهِ خُطْبَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أُنْبِئْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ كُلَّ عَشِيَّةِ خَمِيسٍ يَخْطُبُ بِهَذِهِ الْخُطْبَةِ عَلَى أَصْحَابِهِ، فِيهَا:

" إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تُمَاتُ فِيهِ الصَّلاةُ، وَيُشْرِفُ فِيهِ الْبُنْيَانُ، وَيَكْثُرُ فِيهِ الْحَلْفُ وَالتَّلاعُنُ، وَتَفْشُو فِيهِ الرِّشَى وَالزِّنَا، وَتُبَاعُ الآخِرَةُ بِالدُّنْيَا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَالنَّجَاةَ فَالنَّجَاةَ. قَالُوا: وَكَيْفَ النَّجَاةُ؟ قَالَ: كُنْ حِلْسًا مِنْ أَحْلاسِ بَيْتِكَ وَكُفَّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ".

والظاهر أن محمد بن هارون هنا هو: محمّد بن هارون بن إبراهيم الربعي، أبو جعفر البغدادي البزاز المعروف بأبي نشيط، وهو موثق.

فإن كان هو فجميع رواة السند ثقات. إلا أنه منقطع؛ لأن يَحْيَى بْن عَقِيلٍ يروي عمن تأخرت وفاته من الصحابة كأنس بن مالك، وقد صرح في السند بأنه لم يسمع هذا الخبر من ابن مسعود رضي الله عنه؛ حيث قال: " أُنْبِئْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ كُلَّ عَشِيَّةِ خَمِيسٍ يَخْطُبُ بِهَذِهِ الْخُطْبَةِ عَلَى أَصْحَابِهِ ".

فيكون السند بهذا منقطعا، والمنقطع ليس بصحيح؛ لأن من شروط صحة الحديث أن يتصل سنده.

قال ابن الملقن رحمه الله تعالى:

" فالصحيح المجمع عليه:

ما اتصل إسناده بالعدول الضابطين، من غير شذوذ ولا علة " انتهى. "المقنع" (1 / 42).

وروى نعيم بن حماد في "الفتن" (2 / 642) خبرا شبيها بهذا، فقال: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ الثَّقَفِيِّ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: "إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدْ أَمَاتُوا الصَّلَاةَ، وَأَضَاعُوا الْأَمَانَةَ، وَاسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ، وَأَكْثَرُوا الْحَلِفَ، وَأَكَلُوا الرِّبَا، وَأَخَذُوا الرِّشَى، وَشَيَّدُوا الْبِنَاءَ، وَاتَّبَعُوا الْهَوَى، وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا، فَالنَّجَا ثُمَّ النَّجَا، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ".

لكن إسناد هذا الخبر أشد ضعفا من الأول، فعدد من رواته متكلم فيهم، وخاصة زياد بن المنذر فهو متهم بالكذب.

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

" زياد بن المنذر أبو الجارود الثقفي الكوفي:

يروي عن أبي الطفيل، والأعمش.

قال أحمد، والنسائي: متروك الحديث. وقال يحيى: كذاب، عدو الله، لا يساوي فَلْسا.

وقال ابن حبان: كان رافضيا يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، لا يحل كتب حديثه.

وقال الدارقطني: متروك الحديث، وقال: إنما هو منذر بن زياد " انتهى من "الضعفاء والمتروكين" (1/301).

وللأهمية تحسن مطالعة جواب السؤال رقم: (249037 ).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب