الحمد لله.
الله تبارك وتعالى هو الحكم العدل، لا يظلم مثقال ذرة، وهو غني عن ظلم عباده، ولم يشرع لهم إلا ما فيه الرحمة والحكمة والمصلحة لهم، كما قال: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا الأنعام/115 "أي: صدقا في الأخبار وعدلا في الأحكام" تفسير ابن كثير (1/199).
والظن بأنه سبحانه يظلم الرجال أو النساء، أو أن أحكامه فيها ظلم لأحد من عباده: كفر وردة عن الإسلام، فلا مجال لهذا التفكير، بل يجب قطعه ورده وإنكاره فور مجيئه، فإن الوسوسة العارضة إذا أنكرها الإنسان في الحال لم يؤاخذ بها، فإذا استرسل معها، ونظر وتفكر فيها كان ذلك شكا ناقضا لدينه، نسأل الله العافية.
ثم إن أجر الحضانة للمرأة غاية في الرحمة والعدل، وليس للمطلقة نفقة إلا في العدة إن كانت مطلقة رجعية، ثم تأخذ أجر حضانتها وتربيتها وقيامها على الأولاد، وكيف يستقيم في العدل أن يقال إنها تقوم بذلك مجانا؟!
ثم إن الأب لم يخسر ابنه، إنما راعت الشريعة مصلحة الابن فقضت به للمرأة إذا كان دون سبع سنين، لأن وجوده مع الأم أنفع له غالبا، ما لم تتزوج، وما لم يكن بها مانع من الحضانة كفسقها، ثم بعد السابعة يخير الولد الذكر، وتذهب البنت إلى أبيها؛ لأنه أقدر على حفظها وصيانتها.
فتأمل كيف تأتي الأحكام مراعية مصلحة الأطراف الثلاثة: الأب والأم والولد، ثم كون الولد عند الأب أو الأم لا يمنع من رؤية الآخر له.
ثم الغالب أن الأب يتزوج بعد الطلاق، فتأمل لو انتقل إليه الطفل الصغير دون السبع، كيف يكون حاله، مع حاجته إلى حنان الأم، ومزيد الرعاية الذي سيفقده غالبا مع زواج الأب.
ثم الحاضنة قد لا تكون الأم، فقد تكون أم الأم أو أم الأب على ترتيب من يستحق الحضانة، فأي غرابة في كون هذه الحاضنة تأخذ أجرها على عملها؟
وهذه بعض الحكم التي تظهر للمتأمل بيسر، مع يقيننا الذي لا شك فيه، ولو بمثقال ذرة: أن الله تعالى أحكم الحاكمين وأنه المتعالي عن الظلم، وأنه لا أعدل ولا أحكم من شرعه.
بل مع علمنا أيضا: أن لم نبلغ أن نبين هنا عن منتهى الحكمة في تشريع الله لذلك، وأنه قد يكون فيه من الحكم ما قصرت عنه علومنا، أو عجز عن بياننا؛ فنرضى بالله حكما، وآمرا، له الخلق والأمر، وله الحكم، وإليه المرجع والمآب.
ولعلك وقفت على بعض القوانين التي تلزم المطلق بالنفقة على مطلقته إلى أن تتزوج أو يموت أحدهما، فظننت أن هذا هو حكم الإسلام ، ورأيت هذا منافيا لأجرة الحضانة، وهذه النفقة باطلة لم تأت بها الشريعة.
وانظر جواب السؤال رقم:(221900).
والذي نوصيك به أن تفزع إلى الله تعالى أن يثبتك إيمانك، وأن يزيدك معرفة به، ويقينا بأنه العلي الأعلى الموصوف بكمال الصفات، وجميل الأفعال، المنزه عن كل نقص وعيب.
والله أعلم.
تعليق