الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

قصيدة "نهج البرد" هل فيها ما ينتقد شرعا؟

402916

تاريخ النشر : 08-09-2022

المشاهدات : 8251

السؤال

ما هو حال بردة أحمد شوقي التي مطلعها "ريم على القاع"؟ وهل تحوي أية مخالفات شرعية؟

الجواب

الحمد لله.

لا شك أن قصيدة "نهج البردة" لأحمد شوقي هي من القصائد يعز نظيرها في المدائح، بلاغة وقوة عبارة، وصدق شاعرية، وفي تعبيرها عن قوة مشاعر المحبة تجاه نبينا صلى الله عليه وسلم، والدعوة إلى التشبث بمحبته وهديه صلى الله عليه وسلم، فتحمد من هذا الجانب.

إلا أن كون كاتبها ليس من أهل العلم الشرعي، وإنما هو من الأدباء الشعراء الذين لا يولون اهتماما إلى تحقيق المسائل الشرعية التي يتناولونها، ويوثرون التعابير الأدبية الجميلة الفضفاضة والمجملة المعاني، شأن الشعراء عامة، على المصطلحات العلمية الواضحة التي يحصل بها البيان والوضوح.

فهذان الأمران تسببا في احتواء هذه القصيدة على جملة من الأخطاء الشرعية.

فمن ذلك:

أولا:

احتوت قصيدة "نهج البردة" شيئا مما انتقد على قصيدة "البردة".

قال الأستاذ محمد المجذوب رحمه الله تعالى:

" استسلم شوقي لبعض الأفكار غير السليمة في مدائحه النبوية، فشوه جمالها بتلك الانحرافات، التي التقطها من ألسنة (الدراويش) وكتبهم، دون أن يسمح لعقله بالتفكير في محتوياتها الشاردة عن نطاق التوحيد، وحسبنا أن نشير من ذلك إلى قوله - في نهج البردة - مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أُلقي رجائي إذا عز المجير على. ... مفرج الكرب في الدارين والغُمَمِ

وإن تقدم ذو تقوى بصالحةٍ  .. قدَّمت بين يديه عبرة الندم

وقد نسي شوقي في غمرة التقليد ألا مفرج لكرب إلا الله، وأن عبرة الندم لا تسكب إلا بين يديه سبحانه، كما علمنا رسوله صلوات الله وسلامه عليه.

وأبعد في التقليد من ذلك قوله في همزيته:

ما جئت بابك مادحاً بل داعياً ... ومن المديح تضرع ودعاء

أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة ... في مثلها يلقى عليك رجاء

" انتهى. "شعر شوقي في ميزان النقد" (ص 83 ترقيم الشاملة).

والحقيقة أن سياق الأبيات ملتبس فإن كان يخاطب بهذا النبي صلى الله عليه وسلم حقا، فلا شك أن هذا دعاء وتوجه لغير الله تعالى.

وكذا البيت الذي يقول فيه:

إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ * عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أَمَمِ

فإن كان المقصود بالسؤال هنا هو النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أمر لا يجوز، لأنه دعاء لغير الله تعالى.

راجع للأهمية جواب السؤال رقم: (132624).

ثانيا:

وصفه للملائكة بالعطش، وهذا لا يصح أن توصف به الملائكة.

وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسل سائِلَةٌ * مَتى الوُرودُ؟ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي

ثالثا:

الادعاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على اللوح المحفوظ؟!

خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما * يا قارِئَ اللَوحِ، بَل يا لامِسَ القَلَمِ

أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ، وَانكَشَفَت * لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ، وَمِن حِكَمِ

والنبي صلى الله عليه وسلم لم يطلع على اللوح وما فيه من علوم ومقادير الخلائق، بل هذا من الغيب الذي نفاه عن نفسه صلى الله عليه وسلم، كما في قوله تعالى:

(قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ) الأنعام/50.

وكذلك قوله ( خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما ) فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما بعث ليعلم الناس علوم دينهم التي بها النجاة يوم القيامة، وبها تدرك المراتب العالية عند الله تعالى، لا علوم الدنيا التي ينتهي انتفاع العبد بها بموته.

رابعا:

لم يحقق بعض حوادث السيرة، فربما ذكر مالا يصح له إسناد كقصة العنكبوت والحمامة المذكورة في أحداث الهجرة النبوية.

هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا * هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ

وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ * كَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ

مع أن ذلك من أيسر ما يؤخذ وينتقد على مثل تلك القصائد.

وراجع جواب السؤال رقم: (27224).

فالحاصل؛ أن على المسلم أن لا يجعل مثل هذه القصائد هاديه إلى معرفة النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته، بل السبيل إلى هذا المقصد الجليل هو تدارس نصوص الوحي على نهج سلفنا الصالح والعمل بها.

وينظر للأهمية جواب السؤال رقم: (115502)، ورقم: (149564).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب