الحمد لله.
أولا:
روى البيهقي في "شعب الإيمان" (4/433)، قال: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ بَرَدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَإِنَّ صَلَاةَ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً، كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً.
وهو من رواية مكحول عن أبي أمامة، وقد نص عدد من علماء الحديث على عدم سماع مكحول من أبي أمامة.
قال ابن القيم، رحمه الله: " لهذا الحديث علتان إحداهما أن برد بن سنان قد تكلم فيه وقد وثقه يحيى بن معين وغيره.
العلة الثانية: أن مكحولا قد قيل إنه لم يسمع من أبي أمامة والله أعلم". انتهى، من "جلاء الأفهام" (86).
وقال الحافظ ابن عبد الهادي، رحمه الله: " فيه إرسال، فإن مكحولاً لم يسمع من أبي أمامة .." انتهى، من "الصارم المنكي" (214).
وقال السخاوي رحمه الله تعالى:
" رواه البيهقي بسند حسن لا بأس به، إلا أن مكحولا قيل: لم يسمع من أبي أمامة في قول الجمهور.
نعم، في "مسند الشاميين" للطبراني التصريح بسماعه منه – قال محقق الكتاب: لكن في الإسناد إليه متهم -، وقد رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس له فأسقط منه ذكر مكحول، وسنده ضعيف" انتهى من "القول البديع" (ص 320).
ووصفه بعضهم بالتدليس.
قال ابن حبان رحمه الله تعالى:
" مكحول بن عبد الله، أبو عبد الله ... يروي عن أنس بن مالك، وابن عمر، وواثلة، وأبي أمامة، وكان من فقهاء أهل الشام، وربما دلّس " انتهى من "الثقات" (5/ 446–447).
والراوي: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، يحتمل جدا أن يكون تصحّف من اسم: إبراهيم بن حيان، وهو ضعيف؛ لأنه هكذا سمّي في رواية الديلمي، كما بيّنه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (6/ 430-431).
وقال رحمه الله تعالى:
" رجعنا إلى "سنن البيهقي" (3 / 249) فإذا فيه "إبراهيم بن الحجاج"، وهو ثقة، ولذلك حسّنه المنذري، وما أظن "الحجاج" إلا تحريف "حيان" فقد ساق ابن عدي (1/254) لإبراهيم بن حيان هذا حديثا آخر عن حماد بن سلمة بإسناده المذكور، وكذلك وقع في إسناد الديلمي كما ترى، وهو الذي روى عن حماد، وعنه الحسن بن سعيد الموصلي كما في "المغني"، وقال: ساقط متهم " انتهى. "السلسلة الضعيفة" (6/432).
ثانيا:
وروى البيهقي في "شعب الايمان" (4/435)، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السِّقَاءِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا وَالِدِي أَبُو عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ أُسَامَةُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الصَّائِغُ، حَدَّثَتْنَا حَكَامَةُ بِنْتُ عُثْمَانَ بْنِ دِينَارٍ، أَخِي مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، خَادِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ أَكْثَرُكُمْ عَلَيَّ صَلَاةً فِي الدُّنْيَا، مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، قَضَى اللهُ لَهُ مِائَةَ حَاجَةٍ، سَبْعِينَ مِنْ حَوَائِجِ الْآخِرَةِ، وَثَلَاثِينَ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يُوَكِّلُ اللهُ بِذَلِكَ مَلَكًا يُدْخِلُهُ فِي قَبْرِهِ كَمَا يُدْخِلُ عَلَيْكُمُ الْهَدَايَا، يُخْبِرُنِي مَنْ صَلَّى عَلَيَّ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ إِلَى عَشِيرَتِهِ فَأُثْبِتُهُ عِنْدِي فِي صَحِيفَةٍ بَيْضَاءَ.
ففي إسناده حَكَامَةُ بِنْتُ عُثْمَانَ بْنِ دِينَارٍ: وحديثها متروك.
قال ابن حبان رحمه الله تعالى:
"عثمان بن دينار، أخو مالك بن دينار، يروي عن مالك بن دينار، روت عنه ابنته حكامة بنت عثمان بن دينار، وحكامة لا شيء" انتهى من "الثقات" (7/194).
وقال العقيلي رحمه الله تعالى:
" عثمان بن دينار أخو مالك بن دينار تروي عنه حكّامة ابنته أحاديث بواطيل ليس لها أصل... أحاديث حكّامة تشبه حديث القصاص، ليس لها أصول " انتهى. "الضعفاء الكبير" (3/200).
ونص على ضعفه السخاوي رحمه الله تعالى في "القول البديع" (ص317).
ثالثا:
روى الترمذي (484)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ ابْنُ عَثْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَيْسَانَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً، وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ".
وهو من رواية موسى بن يعقوب: وهو مختلف فيه.
ولخّص حاله الذهبي رحمه الله تعالى بقوله:
" موسى بن يعقوب الزمعي: ... فيه لين" انتهى من"الكاشف" (2/309).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زمعة المطلبي الزمعي، أبو محمد المدني: صدوق سيء الحفظ " انتهى من "تقريب التهذيب" (ص555).
وذكر الدارقطني الاختلاف في إسناد هذا الحديث، ثم قال رحمه الله تعالى:
" والاضطراب فيه من موسى بن يعقوب، ولا يحتج به" انتهى من "العلل" (5/113).
وشيخه: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَيْسَانَ، مجهول.
قال ابن القطان الفاسي رحمه الله تعالى:
" وعبد الله بن كيسان لا تعرف حاله، ولا يعرف روى عنه إلا موسى بن يعقوب الزمعي " انتهى من "بيان الوهم والإيهام" (3/613).
فالحاصل؛ أن هذا المتن لم يرو بإسناد قائم.
وبعض أهل العلم يذهب إلى تقوية الحديث بطرقه، وتحسينه لغيره. كما هو قول الشيخ الألباني الآخر، في "صحيح الترغيب" (1673)، وينظر: التعليق على ابن حبان، للشيخ شعيب الأرناؤوط (3/192-193).
والله أعلم.
تعليق