الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

يُلزم زوجته بالنقاب في مدينته فقط، فهل هذا من النفاق؟

407373

تاريخ النشر : 18-04-2023

المشاهدات : 2403

السؤال

أعيش في مكان ترتدي فيه النساء النقاب، لكن أعتقد أنّ ذلك يرجع إلى ثقافتنا، وليس خوفا من الله تعالى؛ لأنه عندما تزور بعض النساء مدنا أخرى فإنهنّ يرتدينَ الحجاب فقط، ويكشفن عن وجوههن، في مسقط رأسي إذا كانت المرأة لا ترتدي النقاب فإنّ الجميع يستمرّ في التحديق في وجهها، وهذا يشوّه سمعة عائلتها أيضا، إذا سمحتُ لأختي أو زوجتي بعدم ارتداء النقاب خارج مسقط رأسي، ولكنني طلبت منها أو أجبرتها على ارتدائه في مسقط رأسي فقط؛ للحفاظ على أفواه الناس مغلقة، فهل سيكون ذلك شركا أصغر، أم إنّ الشرك الأصغر يتعلق فقط بالعبادات؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يلزم المرأة ستر وجهها عن الرجال الأجانب على الراجح؛ لأدلة كثيرة سبق بيانها في جواب السؤال رقم: (21536). 

ثانيا:

لو أخذ الرجل بقول من لا يرى الوجوب، فسمح لامرأته أو أخته بكشف وجهها إذا كانت خارج بلده، وألزمها بالستر في بلده منعا لكلام الناس، فلا حرج في ذلك، ولا يعد هذا شركا أو نفاقا، وإنما هو من باب الغيرة المحمودة، وكف الشر وصيانة النفس والعرض، وللإنسان أن يفعل المرجوح أو غير الواجب في نظره لمثل هذا، سواء كان من العادات أو العبادات.

ومن ذلك أن يجهر الإمام بالبسملة إذا صلى بقوم يرون الجهر، أو يترك القنوت إذا صلى بقوم لا يقنتون، أو يتم الصلاة وهو مسافر إذا كان الإمام يتم، أو يقوم للقادم تأليفا للقلوب وجمعا للكلمة، ولا يقال إن هذا شرك أو رياء، فالرياء إذا كانت العبادة لغير وجه الله، لكن هنا يعبد الله بأحد الأقوال المشروعة مراعيا المصلحة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وقد استحب الأمام أحمد لمن صلى بقوم لا يقنتون بالوتر، وأرادوا من الإمام ألا يقنت لتأليفهم، فقد استحب ترك الأفضل لتأليفهم... فيستحب الجهر بها [أي: البسملة ] إذا كان المأمومون يختارون الجهر لتأليفهم...

وهذا كله يرجع إلى أصل جامع: وهو أن المفضول قد يصير فاضلاً لمصلحة راجحة، وإذا كان المحرم - كأكل الميتة - قد يصير واجبًا للمصلحة الراجحة ودفع الضرر، فلأَنْ يصير المفضولُ فاضلاً لمصلحة راجحة أولى" انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/ 345).

وقال رحمه الله: "وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام، ولو تُرك لاعتَقد أَنَّ ذلك لترك حقِّه أو قصد خَفضه، ولم يَعلم العادة الموافقة للسُّنة، فالأصلح أن يُقام له؛ لأَنَّ ذلك أصلح لذات البَين وإزالة التباغض والشحناء، وليس هذا القيام المذكور في قوله - صلى الله عليه وسلم -:( مَنْ سرَّه أن يَتمثَّل له الرِّجالُ قِيامًا، فليتبوأ مَقعده من النَّار)؛ فَإِنَّ ذلك أَنْ يقوموا له وهو قاعدٌ، ليس هو أن يقوموا لمجيئه إذا جاء" انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/375).

والمرأة إذا كانت في حيها أو قريتها كانت معروفة لأغلب الناس، فإذا كانوا ينظرون إليها أو يتكلمون فيها إذا خرجت سافرة، فإن الأولى بها أن تستر وجهها ولو كانت ترى الستر مستحبا غير واجب.

وإنما العيب، والخلل العظيم: أن تكون المرأة ترى وجوب النقاب، ثم لا تلبسه في بلدها إلا مراعاة لرضا الناس، أو دفعا لذمهم؛ فإذا خرجت عنهم، لم تبال بأن تكشف وجهها، وإن كانت تراه كشفه معصية، ومخالفة لأمر الله لها!

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب