الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

أيهما أشد إثما: من يفطر في رمضان سرا أم من يجاهر بالفطر؟

407659

تاريخ النشر : 21-03-2023

المشاهدات : 2397

السؤال

من أثقل معصيةً، المنافق الذي يدعي أنه صائم ويأكل ويشرب سرًا في نهار رمضان، أم المجاهر الذي يأكل ويشرب أمام أعين الناس في وضح النهار، ولا يخاف لومة لائم؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يحرم الفطر في رمضان لغير عذر من سفر أو مرض، وفاعل ذلك مرتكب كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب؛ لما روى ابن خزيمة (1986)، وابن حبان (7491) عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعيّ (الضبع هو العضد) فأتيا بي جبلا وعِرا، فقالا: اصعد فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك. فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار.

ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم).

وصححه الألباني في "صحيح موارد الظمآن" برقم (1509).

وإذا كان هذا فيمن يفطر أثناء النهار، فإن من يصبح مفطرا ولم ينو الصوم أصلا أشد جرما.

وسواء في ذلك المسر أو المجاهر بفطره، فكلاهما أتى عظيمة من العظائم، واقترف كبيرة من أعظم الكبائر.

قال الحافظ الذهبي، رحمه الله: " وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان، بلا مرض ولا غرض؛ أنه شر من الزاني، والمَكَّاس، ومدمن الخمر، بل يشُكّون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال." انتهى، من "الكبائر" (157).

ثانيا:

المجاهر بالفطر أعظم إثما من المسرّ به؛ لأن الجهر يجتمع معه الاستهانة، وتشجيع الغير على الفطر، وإشاعة المنكر بين الناس.

فالمجاهر يضم إلى ذنبه آثاما، ولهذا كان المستتر أقرب للعفو من المجاهر، كما روى البخاري (6069)، ومسلم (2744) عن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ).

قال المناوي رحمه الله: " (كل أمتي معافى) من عقوبة الله له على ذنبه فإنه إذا ستره في الدنيا، ستره في الآخرى وعفا عنه" انتهى من "التنوير شرح الجامع الصغير" (8/ 160).

وقال في "البحر المحيط الثجاج" (42/ 761): " (ومنها): بيان قبح المجاهرة بالمعاصي، وأن الله تعالى لا يغفر لأصحابها؛ لمبارزتهم له بها، واستخفافهم بشأنها" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب