الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

هل تصلي النساء صلاة الكسوف في بيوتهن جماعة؟

409521

تاريخ النشر : 07-04-2023

المشاهدات : 972

السؤال

هل تؤدي النساء في البيوت صلاة الكسوف؟ وإذا لم تكن أي واحدة منهن حافظةً للقران، فهل على من تأمهمن وهي مجيدة للتلاوة أن تأمهم ؟

الجواب

الحمد لله.

ذهب جمهور أهل العلم إلى مشروعية إمامة المرأة للنساء، وخاصة في غير الفريضة.

قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:

" واختلفوا في إمامة المرأة النساء.

فرأت طائفة: أن تؤم المرأة النساء، روي ذلك عن عائشة، وأم سلمة أمي المؤمنين، وبه قال عطاء، وسفيان الثوري، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور.

وقالت طائفة: لا تؤم المرأة في مكتوبة ولا نافلة، هذا قول سليمان بن يسار، والحسن البصري.

وقال مالك: لا ينبغي للمرأة أن تؤم أحداً.

وكره أصحاب الرأي ذلك، وقال: مجيزهم: إن فعلت، تقوم وسطاً من الصف.

وفيه قول ثالث: وهو أنها لا تؤمهن في الفريضة، وتؤمهن في التطوع، ولا تقدمهن. روينا ذلك عن الشعبي، والنخعى، وقتادة" انتهى من "الإشراف" (2/ 149 – 150).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" اختلف العلماء: هل الجماعة سنة للنساء ـ والمراد المنفردات عن الرجال ـ أو مكروهة، أو مباحة على ثلاثة أقوال:

فالقول الأول: أنها سنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها.

القول الثاني: أنها مكروهة، وضعف الحديث، وقال: إن المرأة ليست من أهل الاجتماع وإظهار الشعائر، فيكره لها أن تقيم الجماعة في بيتها، ولأن هذا غير معهود في أمهات المؤمنين وغيرهن.

القول الثالث: أنها مباحة، وقال: إن النساء من أهل الجماعة في الجملة، ولهذا أبيح لها أن تحضر إلى المسجد لإقامة الجماعة، فتكون إقامة الجماعة في بيتها مباحة، مع ما في ذلك من التستر والاختفاء.

وهذا القول لا بأس به، فإذا فعلت ذلك أحيانا، فلا حرج "انتهى من "الشرح الممتع" (4/ 139 – 140).

فالذي يترجح مشروعية ذلك لما روي عن أمي المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، ولم يعرف من الصحابة من خالفهما.

قال ابن حزم رحمه الله تعالى:

" وأما إمامتها النساء: فإن المرأة لا تقطع صلاة المرأة إذا صلت أمامها أو إلى جنبها، ولم يأت بالمنع من ذلك قرآن ولا سنة...

حدثنا يونس بن عبد الله، حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، حدثنا أحمد بن خالد، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثنا زياد بن لاحق، عن تميمة بنت سلمة، عن عائشة أم المؤمنين: ( أنها أمت النساء في صلاة المغرب فقامت وسطهن وجهرت بالقراءة).

وبه إلى يحيى بن سعيد القطان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: أن أم الحسن بن أبي الحسن حدثتهم: ( أن أم سلمة أم المؤمنين كانت تؤمهن في رمضان وتقوم معهن في الصف ).

قال علي – ابن حزم -: هي خيرة ثقة الثقات، وهذا إسناد كالذهب" انتهى من "المحلى" (3/ 136).

والنساء كالرجال يشرع لهن صلاة الكسوف..

روى البخاري (1041)، ومسلم (911) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَقُومُوا، فَصَلُّوا ).

فقوله صلى الله عليه وسلم : (فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَقُومُوا، فَصَلُّوا) أمر عام يشمل الرجال والنساء، سواء في البيوت أو في المساجد.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" لا بأس أن تصلي المرأة صلاة الكسوف في بيتها؛ لأن الأمر عام: ( فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم )، وإن خرجت إلى المسجد كما فعل نساء الصحابة، وصلت مع الناس: كان في هذا خير " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (16/310).

فإذا اجتمعت النسوة في بيت إحداهن، تؤمهن صاحبة البيت إن كانت تتقن التلاوة وعارفة بصفة الصلاة، وإلا؛ فإنها تأذن لمن تحسن منهن ذلك، كما في حديث أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) رواه مسلم (673).

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

" هذا الحديث يدل على تقديم القارئ على الفقيه، وهو مذهب أحمد بن حنبل، وإنما يقدم إذا كان يعرف أحكام الصلاة، فذلك الذي هو أولى من الفقيه الذي لا يحسن إلا الفاتحة. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: الفقيه أولى...

وقوله: ( وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ ) أي في المكان الذي ينفرد فيه بالأمر والنهي " انتهى من "كشف المشكل" (2 / 207 – 208).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب