الحمد لله.
من كان حدثه دائما فإنه يتوضأ للصلاة إذا دخل وقتها، ويحكم بصحة وضوئه ما دام وقت الصلاة باقيا لم يخرج، وله أن يصلي في هذا الوقت ما شاء من الفرائض والنوافل، وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد رحمهما الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وقوله صلى الله عليه وسلم : (توضئي لكل صلاة) أي : لوقت كل صلاة من الصلوات المعهودة ، لما روى ابن بطة بإسناده عن حمنة بنت جحش أنها كانت تهراق الدم ، وأنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأمرها أن تغتسل لوقت كل صلاة ، لأنه يجوز لها الجمع بين نوافل وفرائض ، ولو أراد أنها تتوضأ لفعل كل صلاة مطلقا لما جاز ذلك ، ولأن الصلاة الراتبة هي المشهورة ، فأما الفوائت والمجموعة فنادرة ، فإذا قيل : توضأ عند كل صلاة، انصرف الإطلاق إلى المعهود ، ولهذا لما قال أنس : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة) لم يفهم إلا الصلوات الخمس في مواقيتها" انتهى من "شرح عمدة الفقه" (1/331) .
وقال البهوتي في "الروض المربع" (ص 57): "والمستحاضة، ونحوها ممن به سلس بول أو مذي أو ريح أو جرح لا يرقأ دمه أو رعاف دائم ... تتوضأ لدخول وقت كل صلاة إن خرج شيء ، وتصلي ما دام الوقت ، فروضا ونوافل .
فإن لم يخرج شيء ، لم يجب الوضوء" انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (3/211):
"وُضُوءُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَعِبَادَتُهَا:
قَال الشَّافِعِيُّ : تَتَوَضَّأُ الْمُسْتَحَاضَةُ لِكُل فَرْضٍ ، وَتُصَلِّي مَا شَاءَتْ مِنَ النَّوَافِل ...
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ : تَتَوَضَّأُ الْمُسْتَحَاضَةُ وَأَمْثَالُهَا مِنَ الْمَعْذُورِينَ لِوَقْتِ كُل صَلاَةٍ مَفْرُوضَةٍ ، وَتُصَلِّي بِهِ فِي الْوَقْتِ مَا شَاءَتْ ، مِنَ الْفَرَائِضِ وَالنُّذُورِ وَالنَّوَافِل وَالْوَاجِبَاتِ ، كَالْوِتْرِ وَالْعِيدِ وَصَلاَةِ الْجِنَازَةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ" انتهى .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
"يصلي صاحب السلس والمستحاضة والمريض المسئول عنه في الوقت جميع الصلوات ، من فرض ونفل ، ويقرأ القرآن من المصحف ، ويطوف بالكعبة من كان بمكة مادام في الوقت .
فإذا خرج الوقت ، أمسك عن ذلك حتى يتوضأ للوقت الذي دخل" انتهى من "الفتاوى المتعلقة بالطب وأحكام المرضى" (ص: 34).
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"إذا كان الواقع كما ذكرت ، من كثرة خروج قطرات البول منك في الصلاة وفي غير الصلاة ؛ فخروجها في أثناء الصلاة لا يبطل صلاتك ، وعليك أن تضع ما يمنع وصول قطرات البول إلى البدن أو الثوب أو البقعة .
وهذه القطرات نجسة ، ولكن يعفى عنها لما في إزالتها من المشقة والحرج . وقد قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ، وقال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم .
وعلاج ذلك يكون بمراجعة المختصين من الأطباء.
وعليك أن تتوضأ لوقت كل صلاة ، وتصلي بذلك الفرائض والنوافل.
وعليك الحذر من الوساوس فإنها من كيد الشيطان ، وقد يخيل للإنسان أنه خرج منه شيء والواقع غير ذلك.
شفاك الله من كل ما يصيبك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد الله بن قعود ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"(5/406).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
الدم الذي ينزل من المرأة في فترة الحمل الأولى هل يوجب الوضوء فقط أم يوجب الغسل؟
فأجاب :
"الغالب أن الحامل لا تحيض وما ظهر منها من دم فهو دم فساد ، لا يوجب الغسل ، ولا يُحرِّم الصلاة ، ولا يتمتع زوجها بها بجماع أو غيره ؛ فحكمها حكم الطاهرات .
لكنها تتوضأ للصلاة ؛ إذا دخل وقتها ، تتحفظ ، ثم تصلى فروضاً ونوافل حتى يدخل وقت العصر، فإذا دخل وقت العصر جددت العملية مرة أخرى ، وهكذا تجددها لوقت كل صلاة" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .
وبهذا يتبين: أن من حدثه دائم فطهارته صحيحة ما دام وقت الصلاة لم يخرج ، فيصلي ما شاء من الفرائض والنوافل ، كما لو صلى الحاضرة وصلاة فائتة ، أو أراد أن يعيد الحاضرة ، فلا حرج عليه.
وينظر جواب السؤال (2723)، (22843)
والله أعلم .
تعليق