الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

يريد الهجرة إلى بلد إسلامي ومخالفة نظام الإقامة فيها!

415011

تاريخ النشر : 21-07-2023

المشاهدات : 1595

السؤال

أنا خلقت في بلدة كافرة، أريد الهجرة لأجد المفتيين؛ أستفتي، وأتعلم منه، لكن البلاد المسلمة تشترط شروطا كثيرة على الفيزا؛ كعدم العمل، والبقاء مدة قصيرة فقط، فهل يجوز انتهاك هذه الشروط إن أمنت ضررا من السلطة، ولا أسبب ضررا لسكان البلد؟ وأيضا من البلاد المسلمة تشترط الاشتراك بالضمان للدخول على البلد، هل يجوز شراء ذلك؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من كان يقيم في بلد غير إسلامي، واستطاع أن يظهر دينه، ويقيم شعائره: لم تجب عليه الهجرة.

قال زكريا الأنصاري الشافعي في كتابه "أسنى المطالب" :(4/207) : "تَجِبُ الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إلَى دَارِ الإِسْلامِ: عَلَى مُسْتَطِيعٍ لَهَا، إنْ عَجَزَ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ " انتهى.

وفي "الموسوعة الفقهية" (20/ 206): " قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ النَّاسَ فِي شَأْنِ الْهِجْرَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى ثَلاثَةِ أَضْرُبٍ :

أ - مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ، وَهُوَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَلا يُمْكِنُهُ إظْهَارُ دِينِهِ مَعَ الْمُقَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى لا تَجِدُ مَحْرَمًا، إنْ كَانَتْ تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا فِي الطَّرِيقِ، أَوْ كَانَ خَوْفُ الطَّرِيقِ أَقَلَّ مِنْ خَوْفِ الْمُقَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ...

ب - مَنْ لا هِجْرَةَ عَلَيْهِ : وَهُوَ مَنْ يَعْجِزُ عَنْهَا، إمَّا لِمَرَضٍ، أَوْ إكْرَاهٍ عَلَى الإِقَامَةِ فِي دَارِ الْكُفْرِ ، أَوْ ضَعْفٍ كَالنِّسَاءِ، وَالْوِلْدَانِ، لقوله تعالى : ( إلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا).

ج - مَنْ تُسْتَحَبُّ لَهُ الْهِجْرَةُ ، وَلا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ : مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْهِجْرَةِ، وَيَتَمَكَّنُ مِنْ إظْهَارِ ِدينِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَهَذَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْهِجْرَةُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْجِهَادِ، وَتَكْثِيرِ الْمُسْلِمِينَ" انتهى باختصار.

ولاشك أنه لو استطاع المسلم الإقامة في بلد إسلامي، فإن ذلك خير له ولأسرته، بكل حال؛ إلا إن بقي في بلاد الكفر للدعوة إلى الله تعالى، وتعليم العلم النافع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث رضي الله عنه، لما جاء عند النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه وجلسوا عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رأى اشتياقهم لأهليهم؛ فأمرهم بالرجوع إليهم، وتعليم من وراءهم فقال: (ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم) رواه البخاري (6008)، ومسلم (674).

وروى البخاري (1452)، ومسلم (1865) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رضي الله عنه: " أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْهِجْرَةِ ، فَقَالَ: (وَيْحَكَ، إِنَّ شَأْنَ الْهِجْرَةِ لَشَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟) قَالَ : نَعَمْ . قَالَ: (فَهَلْ تُؤْتِي صَدَقَتَهَا ؟) قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : (فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا).

قال النووي رحمه الله :"( لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا) مَعْنَاهُ : لَنْ يَنْقُصَك مِنْ ثَوَاب أَعْمَالك شَيْئًا، حَيْثُ كُنْت، قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْمُرَاد بِالْبِحَارِ هُنَا: الْقُرَى، وَالْعَرَب تُسَمِّي الْقُرَى الْبِحَار، وَالْقَرْيَة الْبُحَيْرَة .

قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْمُرَاد بِالْهِجْرَةِ الَّتِي سَأَلَ عَنْهَا هَذَا الأَعْرَابِيّ: مُلازَمَة الْمَدِينَة مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرْك أَهْله وَوَطَنه، فَخَافَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلا يَقْوَى لَهَا ، وَلا يَقُوم بِحُقُوقِهَا، وَأَنْ يَنْكِص عَلَى عَقِبَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ شَأْن الْهِجْرَة الَّتِي سَأَلْت عَنْهَا لَشَدِيد، وَلَكِنْ اِعْمَلْ بِالْخَيْرِ فِي وَطَنك ، وَحَيْثُمَا كُنْت؛ فَهُوَ يَنْفَعك , وَلا يَنْقُصك اللَّه مِنْهُ شَيْئًا". انتهى من "شرح مسلم".

ثانيا:

إذا كان الانتقال إلى بلد إسلامي متعذرا، ولا يتم إلا بالإخلال بالشروط المتفق عليها، فالنصيحة أن تبقى في بلدك حتى تجد مخرجا، ما دمت لم تضطر إلى الهجرة، ولعلك إذا بحثت في أمر البلدان وأنظمتها وجدت من يقبل إقامتك.

وإذا وجدت بلدة تسمح بالإقامة، لكنها تلزم الداخل إليها بالاشتراك في التأمين، فلا حرج عليك في هذا الاشتراك، وأنت معذور حينئذ.

ونسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويجعل لك فرجا ومخرجا.

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب