الحمد لله.
إلزام السكان بدفع مبالغ متساوية لسداد فاتورة المياه، مع تفاوت سكان كل شقة في عدد الأفراد، وما يتبعه من تفاوتهم في كمية الاستهلاك: مناف للعدل، لكن يظهر أن الحامل عليه عدم وجود عدادات مستقلة للشقق.
فينبغي السعي لأن يكون لكل شقة عداد خاص بها، فإن تعذر ذلك، وأمكن مراعاة عدد الأفراد في كل شقة: لكان أقرب للعدل، فتقسم الفاتورة على عدد الأفراد في العمارة، لا على عدد الشقق، لكنه علاج قد لا ينضبط، لوجود المواليد والوفيات والضيوف والسفر.
وعليه؛ فلعل المسامحة والتراضي على الاشتراك في الفاتورة، رغم التفاوف في الاستعمال، هو الحل المتاح؛ فيتسامح الجميع في ذلك، ويكون تصرفهم من باب ما يسمى بالنهد القائم على المواساة والمسامحة.
وقد روى البخاري (2486)، ومسلم (2500) عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ).
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: "وفي هذا الحديث فضيلة الأشعريين، وفضيلة الإيثار والمواساة، وفضيلة خلط الأزواد في السفر، وفضيلة جمعها في شئ عند قلتها في الحضر، ثم يقسم، وليس المراد بهذا القسمة المعروفة في كتب الفقه بشروطها ومنعها في الربويات واشتراط المواساة وغيرها، وإنما المراد هنا إباحة بعضهم بعضا ومواساتهم بالموجود" انتهى.
وقال ابن قدامة في "المغني" (9/216): "ولا بأس بالنهد، قد تناهد الصالحون، وكان الحسن إذا سافر ألقى معهم، ويزيد أيضا بعدما يلقي.
ومعنى النهد، أن يخرج كل واحد من الرفقة شيئا من النفقة، يدفعونه إلى رجل ينفق عليهم منه، ويأكلون جميعا، وكان الحسن البصري يدفع إلى وكيلهم مثل واحد منهم، ثم يعود فيأتي سرا بمثل ذلك، يدفعه إليه" انتهى.
ثانيا:
إذا اشترك الجميع في المرافق، وكانت تحتاج إلى صيانة، فالأصل أن يتساووا في دفع تكلفتها.
وإذا كان بعض الأدوار كالدور الأرضي لا يشارك في مرفق من المرافق، كالمصعد مثلا، فلا يلزم ساكنيه ما يخص المصعد من الصيانة، فيلزم مراعاة ذلك، وإعفاء من لا ينتفع من مرفق من المرافق من أجرة صيانته.
وينظر جواب السؤال (408922)
والله أعلم.
تعليق