الحمد لله.
أولًا:
لا شك أن كل هم أو حزن أو ضيق يصيب المؤمن فهو بوابة للصبر والأجر، فنواسيكِ فيما تمرين به ، أختنا الكريمة، ونذكرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصبر ضياء) أخرجه مسلم(223)، وأنه عليه الصلاة والسلام يقول: (عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له) أخرجه مسلم(2999).
ثانيًا:
الحياة لا تخلو من الألم، والواقع معقد مملوء بالصعوبات، هذا لا شك فيه، والله سبحانه يقول: (لقد خلقنا الإنسان في كبد) الإنسان/4.
يقول ابن عطية: " الكبد: المشقة والمكابدة، أي يكابد أمر الدنيا والآخرة".
انتهى من "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" (5/484).
والمؤمن يستعمل مع مشاق الحياة أسلحته الإيمانية، يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي: "المؤمنين بالله الإيمان الصحيح، المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة، معهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج، وأسباب القلق والهم والأحزان.
يتلقون المحاب والمسار بقبول لها، وشكر عليها، واستعمال لها فيما ينفع، فإذا استعملوها على هذا الوجه. أحدث لهم من الابتهاج بها، والطمع في بقائها وبركتها، ورجاء ثواب الشاكرين، أموراً عظيمة تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرات التي هذه ثمراتها.
ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته، وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه، والصبر الجميل لما ليس لهم منه بد، وبذلك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعة، والتجارب والقوة، ومن الصبر واحتساب الأجر والثواب أمور عظيمة تضمحل معها المكاره، وتحل محلها المسار والآمال الطيبة، والطمع في فضل الله وثوابه" انتهى من "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة" (ص/8-9).
ومن أعظم ما يعين العبد على الإنجاز في حياته، وعلى تخطي تلك الحالة "السلبية" التي يعيشها من أحلام اليقظة، والإفراط في الأماني والتخيلات: أن ينقل نفسه، مباشرة، إلى ساحة العمل، والإنجاز، في حدود المتاح، والمقدور عليه، ويدع المعجوز عنه، والمتخيل، ويحرص على ما ينفعه، ويسلك السبيل الواقعية العملية التي تعينه على بلوغ ذلك، بجد، وعزم، وقوة، ويدع التواني، والكسل والتسويف.
وقديما قيل: إن "سوف": جند من جند إبليس!!
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (223789)، ورقم: (223000)، ورقم: (121584).
أما الهروب من ألم الواقع إلى أحلام اليقظة الخيالية، فهو في الحقيقة نوع من أنواع التخدير المفسد للعيش، ينبغي أن تراقبه كلما حدث، وأن تشتت نفسك عنه فلا تسترسل فيه.
ثالثًا:
بخصوص الأفكار التي تأتيك فتفسد عليك عيشك عن طريق ما تحويه من تفسيرات خاطئة أو شبهات، فإن من وسائل علاجها أن تنتبه إلى أنها غالبًا لا تخرج عن مجموعة من الأنماط المشوهة للتفكير وهي:
1. الترشيح: هو التركيز على التفاصيل السلبية، وإهمالك لجميع الجوانب الإيجابية في الموقف.
2. التفكير المتطرف: هو رؤية الأشياء إما سوداء أو بيضاء، جيدة أو سيئة. لابد أن تكون ممتازًا، وغير ذلك يعد فشلاً من جانبك؛ مع أنه قد كثيرا ما تكون هناك حلول وسطى، وليس هناك مجال للخطأ.
3. التعميم الزائد: الوصول إلى استنتاج عام بناءً على حدث أو دليل واحد، والمبالغة في تقدير مدى تكرار المشكلات واستخدام تسميات سلبية عامة.
4. قراءة الأفكار: معرفة ما يشعر به الآخرون، والسبب الذي يدفعهم للتصرف بالشكل الذي يتصرفون به، دون تصريح منهم بذلك، حيث يكون لديك معرفة معينة بالكيفية التي يفكرون ويشعرون بها.
5. التهويل: توقع وتصور الكوارث عند سماعك أو قراءتك عن مشكلة ما، فتسأل نفسك ماذا لو حلت بي كارثة؟ ماذا لو حدث لي ذلك؟
6. التضخيم: المبالغة في درجة أو حدة المشكلة، فتجد نفسك تبالغ بشكل كبير جدًّا في تقييم أي شيء، مما يجعله يبدو ضخمًا وساحقًا بشكل لا يحتمل.
7. الشخصنة: افتراض أن كل شيء يقوم به الناس أو يقولونه هو نوع من رد الفعل تجاهك، وكذلك مقارنة نفسك بالآخرين، محاولاً تحديد أي منكم أكثر ذكاءً أو أكثر كفاءة أو أفضل شكلاً، وهكذا.
بعد فهم هذه الأنماط جيدًا، اعرض أفكارك التي تفاجئك على هذه الأنماط، ومارس عملية تصحيحية بانتظام، والصبر على هذا سيؤدي بحول الله إلى علاج هذه الدفعات غير العقلانية من الأفكار.
ويرجى النظر إلى جواب السؤال رقم: (152340)، والسؤال رقم: (272434)، ورقم: (175964).
والله أعلم
تعليق