الحمد لله.
أولا:
قذف المحصنة من الكبائر، وهو موجب للحد، لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) النور/4- 5
قال في منار السبيل (2/ 372): " باب حد القذف: وهو: الرمي بالزنى. وهو من الكبائر المحرمة، لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. وقوله صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات".
قالوا: وما هن يا رسول الله؟
قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" متفق عليه ...
وإنما يجب بشروط تسعة:
(أربعة منها في القاذف، وهو: أن يكون: بالغا، عاقلا، مختارا) فلا حد على صغير، ومجنون، ونائم، ومكره، لحديث "رفع القلم عن ثلاثة" ...
(وخمسة في المقذوف. وهو كونه: حرا، مسلما، عاقلا، عفيفا عن الزنى يطأ ويوطأ مثله)؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ) الآية؛ مفهومه: أنه لا يجلد بقذف غير المحصن. والمحصن هو المسلم الحر العاقل العفيف عن الزنى؛ فلا يجب الحد على قاذف الكافر والمملوك والفاجر، لأنحرمتهم ناقصة، فلم تنهض لإيجاب الحد" انتهى.
ثانيا:
لا يشترط في القذف أن يكون بين الناس، فلو قذف شخصا فيما بينه وبينه: كان قاذفا، ويثبت حد القذف بإقراره، أو بشهادة اثنين.
ثالثا:
يحصل القذف بالكتابة ولو في رسالة خاصة.
جاء في مشروع تقنين الشريعة بمجلس الشعب المصري 1978-1983 : " كما رأت اللجنة الاقتصار في وسيلة التعبير عن القذف، على صريح التعبير، بالقول، أو بالكتابة، دون غيرها من الوسائل : كالإشارة والرسم والصورة؛ لما قد تنطوي عليه تلك الوسائل الأخيرة من شبهات تسقط الحد من التعبير باللفظ الصريح.
قولا؛ فلا جدال في اعتباره قذفا موجبا للحد عند تحقق أركانه وشرائطه .
أما التعبير بالكتابة - : كالنشر في الصحف، والمجلات، واللافتات، والكتب، أو غير ذلك مما يمكن لغير المقذوف أن يطلع عليه – فإن تحقق القذف بها ثابت؛ لتحقق علته من تعيير المقذوف وإيلامه وتهجينه بما يوجب احتقاره. ما دامت شروط القذف قد تحققت ، وانتفت الموانع...
ومن هذا يُعلم: أن القذف بالكتابة، ولو برسالة خاصة: يعد قذفا موجبا للحد بشروطه، بل إن القذف بالكتابة، وخاصة بالنشر: يكون أعم من غيره في نشر الرذيلة، وإشاعة الفساد، وتهجين المقذوف، والافتراء عليه على أوسع نطاق" انتهى.
فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى، والتحلل من هذه المرأة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ). رواه البخاري (2269).
والله أعلم.
تعليق