الحمد لله.
الصلوات الخمس لها مواقيت محددة، كما قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) النساء/103.
وروى مسلم (612) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْعَصْرُ ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ ، وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ، وَوَقْتُ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ).
إلى غير ذلك من الأحاديث التي بينت مواقيت الصلوات الخمس.
ولا يجوز الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء إلا لعذر؛ من سفر أو مطر أو مرض ونحوه من الأعذار.
وينظر بيانها في جواب السؤال رقم: (147381).
وأما الجمع لغير عذر فمحرم، فإن كان تقديما، فصاحبه لم يأت بالصلاة الثانية، لبطلانها قبل وقتها، وإن كان تأخيرا فقد أخر الصلاة بغير عذر، وهو كبيرة من الكبائر.
ففي "المصنف" لابن أبي شيبة (8253) عن عمر، قال: "الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر".
وفيه (8252) عن أبي موسى، قال: "الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر".
وقال الخلوتي في "حاشيته على المنتهى" (1/211): " قوله: (ولا يجوز لمن لزِمتْه: تأخيرُها، أو بعضُها، عن وقتِ الجواز؛ ذاكرًا قادرًا على فعلها)، وهو كبيرة، كما صرح به صاحب الإقناع في كتاب الشهادات، عند عدِّه الكبائر هناك" انتهى.
فلا يجوز لك السكوت على هذا المنكر، ولا عبرة بكون الزوجة اعتادت على ذلك، فإنه باطل مخالف للنصوص الواضحة في مواقيت الصلاة، ولا يصح منها صلاة العصر والعشاء، فهي تاركة لهاتين الصلاتين كل يوم.
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: هل يجوز الجمع بين الصلوات من غير عذر...
فأجاب: الجمع بين الصلوات من غير عذر لا يجوز، ولا تصح به الصلاة، لأنه صلاها في غير وقتها من غير عذر شرعي، والله تعالى يقول: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [سورة النساء: آية 103].
والجمع إنما يباح للعذر الشرعي، كالمرض والسفر، وكذلك بين العشاءين في المطر والوحل، هذه الأعذار التي تبيح الجمع بين الصلاتين.
أما أن يجمع من غير عذر: فهذا لا يجوز، ولا تصح صلاته إذا فعل ذلك..." انتهى .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " هناك مكان نعمل فيه، ويوجد به عدد من الناس يقيمون صلاة الجماعة، لكني لا أكون معهم للأسباب الآتية: أولا: أنهم يجمعون صلاة الظهر والعصر دائما فهل تصح الصلاة معهم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا
فأجاب: ليس للمسلم أن يجمع بين الصلاتين في الحضر من دون علة؛ كالمرض أو الاستحاضة للمرأة، بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها.
ولا يجوز الجمع بين الصلاتين من دون علة شرعية.
وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في المدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا، يعني: الظهر والعصر والمغرب والعشاء: هذا عند أهل العلم لعِلَّة، قال بعضهم: إنه كان هناك وباء؛ مرض فشق على المسلمين، وجمع بينهم عليه الصلاة والسلام. ولم يُحفظ إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام، لم يحفظ أنه فعله إلا مرة واحدة، لم يحفظ أنه كان يفعل هذا في أوقات متعددة أو دائما، إنما جاء هذا مرة واحدة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وقال آخرون: إن الجمع صوري، وليس بحقيقي، وإنما صلى الظهر في وقتها في آخره، والعصر في أوله، والمغرب في آخره، والعشاء في أوله. وهذا رواه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء فسمي جمعا؛ والحقيقة أنه صلى كل صلاة في وقتها، وهذا جمع منصوص في الرواية من الصحيح عن ابن عباس، فيتعين القول به، وأنه جمع صوري، فلا ينبغي لأحد أن يحتج بذلك على الجمع بغير عذر" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (11/ 435).
فلعلك، إن أصرت على الباطل أن ترشدها إلى هذا الجمع الصوري، فإن أصرت على الجمع الحقيقي وقدمت العصر في وقت الظهر، والعشاء في وقت المغرب، ففارقها، فإنه لا خير فيها، وهي تاركة لهاتين الصلاتين العظيمتين.
والله أعلم.
تعليق