الحمد لله.
هذا الخبر رواه الطبري في "التاريخ" (2 / 22)، قال: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن المغيرة بن أبي لبيد، عن وهب بن منبه اليماني: " أن شمسون كان فيهم رجلا مسلما، وكانت أمه قد جعلته نذيرة، وكان من أهل قرية من قراهم، كانوا كفارا يعبدون الأصنام، وكان منزله منها على أميال غير كثيرة، وكان يغزوهم وحده ويجاهدهم في الله، فيصيب منهم وفيهم حاجته، فيقتل ويسبي، ويصيب المال، وكان إذا لقيهم لقيهم بلحي بعير لا يلقاهم بغيره… ".
وابن حميد شيخ ابن جرير قد ضعّف.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
“ محمد بن حميد الرازي الحافظ، عن: يعقوب القمي، وجرير، وعنه: أبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وابن جرير، والبغوي.
وثّقه جماعة، والأولى تركه، قال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير. وقال البخاري: فيه نظر. وقال النسائي: ليس بثقة " انتهى من "الكاشف" (2/166).
وكذا شيخه سلمة، وهو: سلمة بن الفضل الأبرش. قد ضعّف.
وابن إسحاق موصوف بالتدليس ولم يصرح بسماعه من المغيرة.
وهذا الخبر مع ضعف سنده، فهو منسوب إلى وهب بن منبه، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ووهب من عادته أن يسوق أخبار أهل الكتاب، حيث كان من أعلم الناس بكتبهم وأخبارهم.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" وروايته (للمسند) قليلة، وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات، ومن صحائف أهل الكتاب " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (4/545).
وخبر شمسون مشهور في كتب أهل الكتاب.
وأمثال هذه الأخبار، وإن كان يجوز روايتها، والاعتبار بما فيها، في الجملة؛ فإننا نكل علم ثبوتها إلى الله تعالى.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا الآيَةَ رواه البخاري (4485).
وعن ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ رواه أبوداود (3644) ، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6 / 712).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وقوله تعالى: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا : يتناول خبر كل فاسق، وإن كان كافرا، لا يجوز تكذيبه إلا ببينة، كما لا يجوز تصديقه إلا ببينة.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه، وقولوا: آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ .
وهذا الذي دل عليه الكتاب والسنة، من إمساك الإنسان عما لا يعلم انتفاؤه وثبوته " انتهى من "الجواب الصحيح" (6 / 461 – 462).
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
" وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لأمته أن تحدث عن بني إسرائيل، ونهاهم عن تصديقهم وتكذيبهم، خوف أن يصدقوا بباطل، أو يكذبوا بحق.
ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات؛ في واحدة منها يجب تصديقه، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه، وفي واحدة يجب تكذيبه، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضا على كذبه، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق، كما في الحديث المشار إليه آنفا: وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه " انتهى من "أضواء البيان" (4 / 238).
والله أعلم.
تعليق